مقال

نفحات إيمانية ومع صفات المؤمنين فى القرآن الكريم ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع صفات المؤمنين فى القرآن الكريم ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع صفات المؤمنين فى القرآن الكريم، وإن سورة المؤمنون هي سورة مكية حيث أنها أنزلت قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، وتهتم سورة المؤمنون بشأن الإيمان والكفر والعقيدة الصحيحة والعقيدة الباطلة، فيقول الله تعالى في كتابه الكريم ” قد أفلح المؤمنون الذين هم فى صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون، إلا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فإنهم غير ملومين، فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون، والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون، والذين هم على صلواتهم يحافظون أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون” فهذه آيات جامعة لخصال نافعة من خصال الخير.

التي يحصل بها الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة، فقد جمعت هذه الآيات الكريمة بين حق الخالق وحق المخلوق، وبين أعمال القلوب وأعمال الجوارح، وبين الأعمال اللازمة والأعمال المتعدية، وتضمنت هذه الآيات المنيرات أسباب الفوز باجتماعها في أعمال صالحة عظيمة وهي المحافظة على الصلاة الخاشعة، والإعراض عما لا ينفع من القول والعمل، وحفظ الفروج عن الحرام، وأداء الأمانات، والوفاء بالعهود ثم ختمت الآيات بذكر الجزاء الحسن لأهل هذه الأعمال الحسنة، وجزاء الإحسان هو الإحسان، والمتأمل في هذه الآيات الكريمات يرى علامات الاهتمام بالفحوى جليّة في ألفاظها وجملها، مثل الإتيان بالجملة الاسمية التي تفيد ثباتهم على تلك الأعمال.

وتقديم ما حقه التأخير الذي يفيد شدة اعتنائهم بها، والإتيان بضمير الفصل الذي يفيد ذلك مع التأكيد، ولقد افتتح الله تعالى هذه الصفات بحرف قد الداخل على الفعل الماضي، وفائدة هذا الحرف التحقيق والتأكيد بأن الفلاح قد حصل وتمّ لمن تمسك من المؤمنين بهذه الأعمال الصالحة ابتغاء وجه الله تعالى ومات على ذلك، ومن حُسن الافتتاح لهذه الصفات والترغيب في التحلي بها أنه ذكر الفلاح بها أولا قبل أن يذكرها لكي يرغبك أيها الإنسان في التمسك بها حتى تنال ذلك الجزاء المقدم ألا وهو الفلاح، وإن هذه الصفات التي توصل إلى الفلاح والجنة لا يصح أن تكون إلا لمن اتصف بالإيمان الذي هو التصديق الجازم الذي لا يخالطه شك بكل ما يجب اعتقاده.

من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، ثم تجيء الأعمال الصالحة بعد ذلك ليكتمل سببا الفلاح إذ لابد من إيمان وعمل صالح، صفاء في الباطن، وصفاء في الظاهر، حيث قال تعالى فى سورة الكهف ” إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا” ومن فوائد سورة المؤمنون أنها أوضحت جزاء كلا من المؤمنين والكافرين، فهى تبدأ ببيان فلاح المؤمنين، و الفلاح هو الفوز بالشيء بعد جهد من الفلح و هو شق الأرض فيكون مع المفلحين دائما، ومع بداية السورة نجد أن هناك بيان للمؤمنين، وقد وصف الله تبارك وتعالى أنهم يتمتعون بصفات جليلة ورائعة، قد تعبوا بها في مجاهدة النفس والهوى والشهوات والرغبات.

حتى يستطيعوا أن ينتظموا مع أمر الله عز و جل في شريعة الإيمان، فكتب لهم الفوز في النهاية بالجنة، ولقد بلغ عدد صفات المؤمنين الواردة في سورة المؤمنون عشر صفات، ذكرت ست منها في مطلع السورة، أما الصفات الأربعة الباقية فقد وردت في منتصف السورة، وفي هذه الآيات يدعو الله عز وجل عباده للاتصاف بهذه الأوصاف الجليلة، وذلك حتى يكونوا من الفائزين برضوانه ونعيمه، ولكي يتربى عليها المجتمع المسلم، وتترسخ فيه معاني الإيمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم”لقد أنزل علينا عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ “قد أفلح المؤمنون” وقد تضمنت هذه الآيات بعض صفات أهل الإيمان ومنها الخشوع في الصلاة، وهي أول صفات المؤمنين التي ذكرها الله تعالى في السورة الكريمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى