مقال

نفحات إيمانية ومع الإيمان وصفات المتقين ” جزء 2″

نفحات إيمانية ومع الإيمان وصفات المتقين ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثانى مع الإيمان وصفات المتقين، وإذا كانت العراة الحفاة رءوس الناس فذاك من أشراطها، وإذا تطاول رعاء البَهم في البنيان، فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله، ثم تلا صلى الله عليه وسلم “إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير” ثم أدبر الرجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ردوا عليّ الرجل فأخذوا ليردوه فلم يروا شيئا” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “هذا جبريل جاء يعلم الناس دينهم ” وجبريل عليه السلام حين جاء يسأل ليعلم بعضا من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له الرسول صلى الله عليه وسلم عن الإيمان.

 

” أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ” وفي رواية أخرى ذكر القضاء والقدر خيره وشره، وهذه كلها أمور غيبية، ولا يقال في الأمر المحسّ إيمان، فلا يقول واحد أنا مؤمن أنى أتحرك على الأرض لأن هذا أمر حسي، والإيمان لا يكون إلا بالأمور الغيبية وأولها أن تؤمن بإله واحد لا تدركه الأبصار وهو غيب، وبملائكته وهي غيب، وصدقنا وجودها لأنه أبلغنا بذلك الوجود، وكذلك أن نؤمن بالكتب المنزلة على الرسل، وبالرسل، وصحيح أن الكتاب أمر حسيّ والرسول كذلك له وجود حسيّ، لكن لم نشاهد الوحي وهو ينزل الكتاب على الرسول، إذن فهو أمر غيبي، وكذلك الإيمان باليوم الآخر أمر غيبي أيضا، والايمان بالقضاء والقدر وهو ما غابت عنا حكمته.

 

وكلها إذن أمور غيبية، فهذا الإيمان في القمة، لكن هناك إيمان آخر يجيء لأننا نعلم أن التشريعات لم تأت مرة واحدة، بل كانت تأتي على مراحل، فتشريع ينزل أولا بأن نؤمن أنه من الله، إذن فالذي يزيد وينقص من الإيمان هو الإيمان بالتكليفات، وأنها صادرة من الله عز وجل، وكلما كانت تنزل آية بتشريع جديد كانت تزيد المؤمنين إيمانا، فعندما نزل الأمر بالصلاة آمنوا بإقامتها واستجابوا ونفذوا، ثم جاء الصوم فامتثلوا للأمر به، ثم يجيء الأمر بالزكاة فتكون الطاعة والتنفيذ، وطبعا هناك فرق بين أن تؤمن بالشيء، وأن تفعل الشيء، فالإيمان شيء، وفعله شيء لأن الإسلام هو الانقياد الظاهري للمنهج، وتطبيق كل ما يجيء به الإسلام هو إيمان مستمر متزايد.

 

لأننا آمنا بأن ما يجيء من المنهج هو من الله، إذن فالذي يزيد هو توابع الإيمان من التكليفات والامتثال لهذه التكليفات، مثال ذلك، وهو أن كلنا نعرف قول الحق سبحانه وتعالى ” ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا” لكن هناك أناس يتمسكون بحرفية قوله الحق ” ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين” والذين يتمسكون بحرفية القول الحق لم يتساءلوا كفر بماذا؟ هل كفر لأنه لم يحج؟ لا، إن كفره في هذه المسألة لا يكون إلا بأن ينكر أن الحج ركن من أركان الإسلام، فالمطلوب منا إيمانيا أن نقر بالحج كركن من أركان الإسلام في حدود الاستطاعة، فإن فعله الإنسان كان قد نفذ الحكم، أما إن لم يفعله فقد يكون ذلك في حدود عدم الاستطاعة.

 

وإن من الصفات المحموده والمرجوه أيضا هو المحافظة على الصلاة، فقال تعالى ” والذين هم على صلواتهم يحافظون” والمحافظة على الصلاة تعني الاستمرار عليها، والمداومة على إقامتها في وقتها بشروطها وأركانها وواجباتها ومستحباتها، وشأن الصلاة في الإسلام في المنزلة المرموقة، وفي فضلها تنزلت الآيات، ووردت الأحاديث الصحيحات، وجاءت الآثار عن الأخيار الأبرار، ويكفي في مكانتها أنها الركن الثاني من أركان الإسلام، وأنها أول ما يحاسب عليه العبد من عمله يوم القيامة، ويقول الله عز وجل ” يضاعف لهم العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا” ويتجسد هنا سؤالان، فالأول وهو لماذا يتضاعف عذاب هذا النوع من الأشخاص؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى