مقال

نفحات إيمانية ومع المهلب بن أبى صفره الأزدي “جزء 8”

نفحات إيمانية ومع المهلب بن أبى صفره الأزدي “جزء 8”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع المهلب بن أبى صفره الأزدي، فقال له معاوية، يا بُني أما قولك إن أبي خير من أبي يزيد فقد صدقت، فإن عثمان خير من معاوية، وأما قولك أمي خير من أم يزيد فقد صدقت، فإن امرأة من قريش خير من امرأة من كلب، ولحسب امرأة أن تكون من صالح نساء قومها، وأما قولك إني خير من يزيد فوالله ما يسرني أن حبلا بيني وبين العراق ثم نظم لي فيه أمثالك به، ثم قال معاوية لسعيد بن عثمان، إلحق بعمك زياد بن أبي سفيان فإني قد أمرته أن يوليك خراسان، وكتب إلى زياد أن وله ثغر خراسان، وابعث على الخراج رجلا جلدا حازما، فقدم عليه فولاه وتوجه سعيد إلى خراسان على ثغرها وبعث زياد أسلم بن زرعة الكلابي معه على الخراج.

 

وقد أورد ابن عساكر رواية جاء فيها، فوالله ما يسرني أن الغوطة ملئت رجالا مثلك، فقال يزيد بن معاوية، يا أمير المؤمنين إنه ابن من تعرف وحقه الحق الواجب الذي لايدفع، فانظر له وتعطف عليه وولِه، وكانوا يسمونه شيطان قريش ولسانها، فقد جاء مطالبا بولاية العهد، ثم أمره معاوية وكتب إلى زياد أن ولِه ثغر خراسان، وابعث على الخراج رجلا جلدا حازما، فقال معاوية، لك خراسان، وقال سعيد، وما خراسان؟ قال إنها لك طُعمة وصلة رحم، فخرج راضيا، وهو يقول ذكرت أمير المؤمنين وفضله، فقلت جزاه الله خيرا بما وصل، وفي تاريخ دمشق قيل، فولاه حرب خراسان وولى إسحاق بن طلحة خراجها، وكان إسحاق ابن خالة معاوية.

 

وكانت أمه أم أبان ابنة عتبة بن ربيعة ، فلما صار بالري مات إسحاق بن طلحة فولي سعيد خراج خراسان وحربها، وكان ذلك في سنة سته وخمسين من الهجره، على ما ذكر الطبري، وقد تجهز سعيد بن عثمان، من البصرة فجهزه ابن زياد بسخاء، وساعده أخوه أبو بكرة بأربع مئة ألف فتعجب سعيد من هذا السخاء، وقال ابن الأعثم فعرض عليه أهل السجون والدُعَّار ومن يصلح للحرب، فانتخب سعيد بن عثمان منهم أربعة آلاف رجل، وكل رجل يعد برجال، وقد قوَّاه زياد بأربعة آلاف ألف درهم، فقبضها سعيد وفرقها في أصحابه، وتوجه سعيد بجيشه وقيل في اثني عشر ألفا وعبر نهر بلخ وحاصر مدينة بخارى أشهرا فلم يستطع فتحها.

 

وفي مدينة بخارى ملكة يقال لها خيل خاتون، فأرسلت إليه فصالحته على ثلاثمئة ألف درهم، وعلى أنها تسهل له الطريق إلى سمرقند، فقبل سعيد ذلك منها وأخذ منها ما صالحته عليه وأخذ منها رهائن أيضا عشرين غلاما من أبناء ملوك بخارى كأن وجوههم الدنانير، ثم بعثت إليه بالهدايا ووجهت معه الأدلاء يدلونه على طريق سمرقند، فسار سعيد بن عثمان من بخارى والأدلاء بن يديه يدلونه على الطريق الذي يوصله إلى سمرقند، فنزل على سمرقند وبها يومئذ خلق كثير من السغد، وكان مالك بن الريب شابا شجاع فاتكا لا ينام الليل إلا متوشحا سيفه ولكنه استغل قوته في قطع الطريق هو وثلاثة من أصدقائه، وقد لازم شظاظ الضبي الذي قالت عنه العرب ألص من شظاظ.

 

وفي يوم مر عليه سعيد بن عثمان بن عفان، وهو متوجه لإخماد فتنة في تمرد بأرض خرسان فأغراه بالجهاد في سبيل الله بدلا من قطع الطريق، فاستجاب مالك لنصح سعيد فذهب معه وأبلى بلاء حسنا وحسنت سيرته وفي عودته بعد الغزو وبينما هم في طريق العودة إلى وادي الغضا في نجد، مرض مرضا شديدا أو يقال أنه لسعته أفعى وهو في القيلولة فسرى السم في عروقه وأحس بالموت فقال قصيدة يرثي فيها نفسه، وصارت قصيدته تعرف ببكائية مالك بن الريب، وأما عن المهلب بن أبى صفره، فقد خرج المهلب بن أبي صفرة للغزو مع والي خراسان الجديد سلم بن زياد في زمن يزيد بن معاوية، وذلك عام واحد وستين من الهجرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى