مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول وغزوة السويق “جزء 2”

نفحات إيمانية ومع الرسول وغزوة السويق “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع الرسول وغزوة السويق، وأبو سفيان بن حرب هو زعيم أشراف قريش الذين عارضوا النبى صلى الله عليه وسلم ودعوته، وقد عادى الإسلام والمسلمين، وكان على رأس غزوتي بدر وأحد، واشترك في حصار المدينة في غزوة الخندق، وقد هادن المسلمين في صلح الحديبية، ثم أسلم عند فتح مكة، ورفع النبي صلى الله عليه وسلم، من شأنه، فأمن كل من يدخل داره، وولاه على نجران، ثم خرج مع المسلمين في فتوحهم وغزواتهم، فاشترك في غزوة حنين والطائف، ففقئت عينه يوم الطائف، ثم فقئت الأخرى يوم اليرموك، فعمي، وتوفي عن عمر ناهز الثمانى والثمانين سنة وكان ذلك في العام الواحد والثلاثين من الهجرة، وقد عاش قبيلة بنو النضير في المدينة لقرون.

 

ثم طردهم النبي صلى الله عليه وسلم منها، بعد أن أعلن قيام دولته، فلما أرادوا الخروج، أخذوا كل شي يستطيعونه وهدموا بيوتهم وساروا، فمنهم من نزل خيبر على بعد مائة ميل من المدينة ومنهم من نزل في ناحية جرش بجنوب الشام، ولم يسلم منها غير اثنان، فخرج في مائتي راكب فنزل طرف العريض وبات ليلة واحدة في بني النضير عند سلام بن مشكم فسقاه ونطق له من خبر الناس، وبنو النضير، وهي قبيلة يهودية، كانت تسكن غرب شبه الجزيرة العربية، حتى القرن السابع الميلادي في المدينة المنورة يثرب قديما، وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم ، بطردهم من المدينة المنورة بعد أن قام بغزوهم، وكان بعد هزيمة المشركين في غزوة بدر أقسم أبو سفيان بن حرب.

 

وكان يومئذ على الشرك ألا يقرب النساء، وألا يمس الطيب جسده، حتى يثأر لهزيمة قريش من المسلمين، وقد كان وقع الهزيمة في بدر قاسيا على قريش، إذ كيف لعدد يسير من المقاتلين أن يهزم جيش قريش الكبير وأن يقضي على كبار قادته، وتنفيذا لقسمه فقد خرج أبو سفيان على رأس مئتي مقاتل من قريش وتوجهوا إلى المدينة ودخلوا في جنح الليل، ونزل أبو سفيان ضيفا على يهود بني النضير وأراد أن ينزل في ضيافة حيي بن أخطب، فرفض لئلا تقع عداوة بينه وبين المسلمين، فما كان من أبي سفيان إلا أن نزل على سلام بن مشكم سيد بني النضير والذي يحمل مفاتيح كنوزهم، فاستقبله خير استقبال ودله على بعض المعلومات المتعلقة بالمسلمين من المهاجرين والأنصار.

 

وخرج أبو سفيان في تلك الليلة وأمر بعض جنوده أن يغيروا على بعض نواحي المدينة فذهبوا إلى شرق المدينة وذلك في منطقة العريض وحرقوا بعض النخل، وقتلوا رجلا من الأنصار هو معبد بن عمرو، كما قتلوا رجلا آخر من حلفاء المسلمين وعادوا إلى أبي سفيان وخرجوا جميعا يقصدون مكة، وقد ظن أبو سفيان بهذا أنه قد برّ قسمه، فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم، بالأمر جهز جيشا من مائتي مقاتل، واستعمل بشير بن عبد المنذر رضي الله عنه، وكنيته أبو لبابة، على المدينة، وخرج في إثر أبي سفيان ورجاله يريد الإيقاع بهم وكان ذلك في الخامس من شهر ذي الحجة من العام الثاني من الهجرة، أي بعد أقل من ثلاثة أشهر من هزيمة المشركين في بدر.

 

ومن المواقف الطريفة التي حدثت في تلك الغزوة أن المشركين قد حملوا معهم كثيرا من السويق الذي كانوا قد تزودوا به، ولما علموا أن النبي صلى الله عليه وسلم، في إثرهم ألقوا ما كان معهم من سويق حتى يتخففوا ويستطيعوا الفرار إلى مكة، فسميت الغزوة بالسويق نسبة لهذا الأمر، وقد وصل جيش المسلمين إلى المكان الذي عسكر فيه المشركون، فوجدوهم قد ولوا الأدبار وفروا هاربين، وعادوا إلى مكة، فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلا أن عادوا إلى المدينة بعدما تأكدوا من هروب المشركين وكان ذلك في العاشر من شهر ذي الحجة، ولم يقع قتال بين الطرفين بسبب فرار كفار قريش، ولقد حاول أبو سفيان أن يبر بقسمه من خلال غزو المدينة.

 

 

 

ولكن هذا لم يتحقق ذلك أنه قد قتل رجلين ولم يقف لمحاربة المسلمين الذين خرجوا في إثره، ولقد أثبتت تلك الغزوة أن المسلمين لا يفرطون أبدا بحال من الأحوال في الدفاع عن أرضهم ووطنهم وأن المدينة ليست صيدا سهلا لكل من أراد اقتحامها، وأصبح لدى المشركين قناعة تامة أن الدولة الوليدة في المدينة المنورة دولة لا ترضى بأعمال السلب والنهب وأنها ستتصدى بكل حزم لمن يريد زعزعة أمنها، ثم أصبح في اصحابه وأمر بقطع أصوار من النخل وقتل رجلا من الأنصار وحليفا له ثم كر راجعا، ونذر به النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج في طلبه والمسلمين فبلغ قرقرة الكدر وفاته أبو سفيان والمشركون وكانت العزوة في شهر ذي الحجة من السنة الثانية للهجرة ثم رجع إلى المدينة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى