مقال

نفحات إيمانية ومع الرسول في غزوة بواط “جزء 4”

نفحات إيمانية ومع الرسول في غزوة بواط “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع الرسول في غزوة بواط، ولقد كان الهدف من غزوة ودان أو غزوة الأبواء هو نفسه من غزوة بواط، وهو محاولة رد بعض أموال المهاجرين التي استولى عليها مشركي مكة، وقد كانت غزوة بواط ضمن سلسة الغزوات التي هدف المسلمون منها استرداد حقوقهم من قوافل قريش المتجهة لبلاد الشام، وتعد غزوة بواط ثاني غزوات النبي صلى الله عليه وسلم، وقد عاد المسلمون إلى المدينة بعد أن تجاوزتهم قافلة قريش، ومع أن المسلمين لم يغنموا تلك القافلة إلا أنهم أثبتوا لقريش أن تجارتهم المتجهة نحو الشام ستبقى محل تهديد ما دام المسلمون في المدينة، وقد أثبتت غزوة بواط أمرا في غاية الأهمية مفاده أن المسلمين لن يتركوا حقوقهم المنهوبة.

 

ولن يتخلوا عن أموالهم التي استولى عليها كفار قريش ظلما وعدوانا، حيث كانوا يمنعون الصحابة المهاجرين من أخذ أموالهم وكثيرا ما كان الصحابة يهاجرون سرا ويتخففون من أموالهم حتى لا يدركهم كفار قريش، وقد استولت قريش على أموال المسلمين بعد أن تركوها في مكة، ولقد كانت غزوة بواط من الغزوات التي أثبتت أن العقلية العسكرية للدولة الإسلامية في المدينة متغيرة عن العقلية العسكرية القبلية التي كانت تقوم على السلب والنهب والإغارة على القبائل المجاورة، ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد نظم الدولة الإسلامية في المدينة تنظيما بديعا ووضع الأسس التي تضمن نجاحها واتخذ العيون الذين يدلونه على طرق التجارة وحركة قريش.

 

كما كان يستخلف على المدينة من يقوم على أمرها ويدبر أمر الناس فترة غيابه صلى الله عليه وسلم وقد ضمن هذا التنظيم نجاح الدولة الإسلامية وتمكنها من تحقيق إنجازات عظيمة في سنوات قليلة تمكنت من خلالها من نشر الإسلام في الجزيرة العربية كلها وانتقلت بعد ذلك لفتوح الشام والعراق والدنيا بأسرها، وهكذا فإن مَثل المجاهد في سبيل الله، والله أعلم بمن يجاهد في سبيله، كمثل الصائم القائم، وتوكل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخله الجنة، أو يرجعه سالما مع أجر أو غنيمة، وإن في الجنة مائة درجة أعدّها الله للمجاهدين في سبيل الله، ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض، ومثل المجاهد في سبيل الله كمثَل الصائم القائم القانت بآيات الله، لا يفتر من صيام ولا صلاة.

 

حتى يرجع المجاهد في سبيل الله تعالى، وهذا هو حديث النبى صلى الله عليه وسلم فى صحيح البخارى عن أبى هريره رضى الله عنه، وإن لذة الشهادة في سبيل الله لا يحصرها قلم، ولا يصفها لسان، ولا يحيط بها بيان، وهي الصفقة الرابحة بين العبد وربه، ولهذا كان الصحابة رضي الله عنهم يتمنون الشهادة في سبيله لما لها من هذه المكانة العظيمة، فهذا هو الصحابى حنظلة تزوج حديثا وقد جامع امرأته في الوقت الذي دعا فيه الداعي للجهاد، فيخرج وهو على جنابة ليسقط شهيدا في سبيل الله، ليراه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، بيد الملائكة تغسله ليسمى بغسيل الملائكة، ولقد سمي الشهيد شهيدا لأن ملائكة الرحمة تشهده، أو لأن الله تعالى وملائكته شهود له بالجنة.

 

أو لأنه ممن يستشهد يوم القيامة على الأمم الخالية، أو لسقوطه على الشاهدة، أي الأرض، أو لأنه حي عند ربه حاضر، أو لأنه يشهد ما أعد الله له تعالى من النعيم، وقيل غير ذلك، والشهيد الذي يستحق الفضائل السابقة ونحوها هو شهيد المعركة مع العدو، فهذا هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، تمنى أن يكون شهيدا، وأن يقتل في سبيل الله مرات ومرات، فعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “والذي نفسي بيده، وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل، ثم أحيا ثم أقتل، ثم أحيا ثم أقتل” متفق عليه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها” رواه البخارى، وقال صلى الله عليه وسلم ” لَغدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها” رواه البخاري.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى