مقال

نفحات إيمانية ومع السيدة مارية بنت شمعون “جزء 3”

نفحات إيمانية ومع السيدة مارية بنت شمعون “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثالث مع السيدة مارية بنت شمعون، فأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، في العالية، في المال الذي صار يقال له سرية أم إبراهيم، وكان يختلف إليها هناك، وكان يطؤها بملك اليمن، وضرب عليها مع ذلك الحجاب، فحملت منه، ووضعت هناك في ذي الحجة سنة ثمان من الهجره، فكان في السنة الثامنة من الهجرة في شهر ذي الحجة، ولد إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، من السيده مارية القبطية، فاشتدت غيرة أمهات المؤمنين منها حين رزقت ولدا ذكرا، وكانت قابلتها فيه سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان بولادة إبراهيم أصبحت مارية حرة, وعن ابن عبَاس رضى الله عنهما، قال، لما ولدت مارية.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “أعتقها ولدها”, وعاش إبراهيم ابن الرسول صلى الله عليه وسلم، سنة وبضع شهور يحظى برعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه مرض قبل أن يكمل عامه الثاني، وذات يوم اشتد مرضه، ومات إبراهيم وهو ابن ثمانية عشر شهرا، وكانت وفاته يوم الثلاثاء لعشر ليال خلت من ربيع الأول سنة عشر من الهجرة النبوية المباركة, وحزنت مارية حزنا شديدا على موت إبراهيم، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ” إن ابن عم مارية كان يتهم بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه “اذهب، فإن وجدته عند مارية فاضرب عنقه” فأتاه علي، فإذا هو في ركي يتبرد فيها، فقال له علي ” اخرج”.

 

فناوله يده فأخرجه، فإذا هو مجبوب ليس له ذكر، فكفّ عنه علي، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إنه مجبوب ما له ذكر، وفي لفظ آخر أنه وجده في نخلة يجمع تمرا وهو ملفوف بخرقة، فلما رأى السيف ارتعد وسقطت الخرقة، فإذا هو مجبوب لا ذكر له، وقيل أنه بعث بها الملك المقوقس للنبي صلى الله عليه وسلم، فى السنة السابعه من الهجره، مع حاطب بن أبي بلتعة فعرض عليها الإسلام فأسلمت، فاتخذها سرية ولم يعقد عليها، لذلك يرى بعض الفقهاء، من أهل السنة والجماعة أنها أخذت حُكم أمهات المؤمنين، بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، دون أن تعد منهن، وقد قيل أنه بعث المقوقس صاحب الإسكندرية.

 

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، في سنة سبع من الهجرة بماريه القبطيه بنت شمعون، وأختها سيرين بنت شمعون، وألف مثقال ذهبا، وعشرين ثوبا ليِّنا، وبغلته الدلدل، وحماره عُفيرا، ويقال يعفور، ومع ذلك خصي ويقال له مأبور وهو شيخ كبير كان أخا مارية، وبعث بذلك كله مع حاطب بن أبي بلتعة، فعرض حاطب بن أبي بلتعة على مارية الإسلام، ورغبها فيه فأسلمت، وأسلمت أختها، وأقام الخصي على دينه حتى أسلم بالمدينة بعد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أنجبت السيده مارية للرسول صلى الله عليه وسلم، ثالث أبنائه، إبراهيم، الذي توفي وهو طفل صغير، وهي الوحيدة التي أنجبت للرسول صلى الله عليه وسلم، من بعد زوجته الأولى خديجة بنت خويلد.

 

وكلمة قبط كان يقصد بها أهل مصر، وكان أبوها عظيم من عظماء القبط، كما ورد على لسان المقوقس في حديثه لحامل رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، إليه، وقد ولدت مارية في مصر في قرية حفن من كورة أنصنا، وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلم، أربع إماء، منهم مارية، وأما عن المقوقس فهو عظيم القبط في فترة ما قبل وأثناء الفتح الإسلامي لمصر، وغالبا ما ينسب إلى البطريرك كيرس أو كيرولوس اليوناني الذي كان بطريركا ملكانيًا متوليا كرسي كنيسة الإسكندرية في القرن السابع، وأحد واضعي عقيدة المشيئة الواحدة، وهو آخر حاكم بيزنطي لمصر، وقد عينه هرقل إمبراطور بيزنطة واليا عليها وبطريركا لكنيسة الإسكندرية وكان ذلك ضد رغبة الأقباط الذين كانوا يتبعون المذهب اليعقوبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى