مقال

السيدة حفصة بنت عمر “جزء 2”

السيدة حفصة بنت عمر “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع السيدة حفصة بنت عمر، وهكذا شرّفها الله سبحانه لتكون زوجة للنبي صلى الله عليه وسلم، تقتبس من أنواره، وتنهل من علمه، بما حباها الله من ذكاء وفطنة، وشغف للمعرفة ، ونلمس ذلك من أسئلتها التي تلقيها على رسول الله صلى الله عليه وسلم استفهاما للحكمة واستيضاحا للحقيقة، فمن ذلك أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول” يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكة، حتى إذا كانوا بالبيداء خُسف بهم، فرجع من كان إمامهم لينظر ما فعل القوم، فيصيبهم مثل ما أصابهم ” فقالت يا رسول الله، فكيف بمن كان منهم مستكرها ؟ فقال لها ” يصيبهم كلهم ذلك، ثم يبعث الله كل امرئ على نيته ” وعنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

 

“إنى لأرجو أن لا يدخل النار إن شاء الله أحدا شهد بدرا والحديبية ” فقالت ” أليس الله عز وجل يقول ” وإن منكم إلا واردها” فأجابها “ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيّا” ويقول الإمام النووي معلقا فيه دليل للمناظرة والاعتراض، والجواب على وجه الاسترشاد، وهو مقصود حفصة، لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه وسلم، ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أن يحللن بعمرة قالت له ما يمنعك يا رسول الله أن تهلّ معنا ؟ قال ” إني قد أهديت ولبدت، فلا أحل حتى أنحر هديي ” وخلال السنين التي عاشتها في كنف النبي صلى الله عليه وسلم، ذاقت من نبيل شمائله وكريم خصاله، ما دفعها إلى نقل هذه الصورة الدقيقة من أخلاقه وآدابه، سواء ما تعلق منها بهديه وسمته.

 

ومنطقه وألفاظه، أو أحوال عبادته، فنجدها تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من الشهر الإثنين والخميس، والإثنين من الجمعة الأخرى، وتقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال ” رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ” ثلاث مرات ” وقد شهد لها جبريل بصلاحها وتقواها، وذلك حينما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يراجعها بعد أن طلقها تطليقة، وقال له ” إنها صوّامة ، قوّامة، وهي زوجتك في الجنة ” رواه الحاكم، والطبراني، والسيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن عدي بن كعب بن لؤي، ويجتمع نسبها مع النبي صلى الله عليه وسلم.

 

في كعب بن لؤي، ولقد اختص الله سبحانه وتعالى، نبيه صلى الله عليه وسلم بخصائص كثيرة عن غيره من البشر وذلك إظهارا لمكانته وإعلاء لشأنه ومن ضمن هذه الخصائص هى كثرة زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، فقد أباح الله له أكثر من أربع زوجات، ولا يجوز هذا لغيره من المسلمين، وكان زواج النبي صلى الله عليه وسلم، لم يكن الهدف منها التمتع وإشباع الشهوة، وإنما كان الهدف أسمى وأعلى، ففي زواج النبي صلى الله عليه وسلم، من أمهات المؤمنين رضي الله عنهن، الكثير من الحكم التشريعية والإنسانية والتعليمية، إضافة إلى ما يتعلق بمصلحة الدعوة وتبليغ الرسالة وهو أمر إلهي في قوله تعالى “واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمه، إن الله كان لطيفا خبيرا”

 

ومن ثم فإن لكل من زواج النبي صلى الله عليه وسلم بأمهات المؤمنين حكمة وسببا، يزيدان في إيمان المسلم بعظمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورفعة شأنه وكمال أخلاقه، وقد بلغ عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم، اللاتي دخل بهن إحدى عشرة، وهن السيدة خديجة بنت خويلد، والسيدة سودة بنت زمعة، والسيدة عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنه، والسيدة حفصة بنت عمر رضي الله عنه، والسيدة زينب بنت خزيمة، والسيدة أم سلمة، والسيدة زينب بنت جحش، والسيدة جويرية بنت الحارث، والسيدة رملة بنت أبي سفيان، والسيدة صفية بنت حيي بن أخطب، والسيدة ميمونة بنت الحارث رضي الله عنهن جميعا، أما السيدة مارية بنت شمعون القبطية رضي الله عنها فقد اختلف في أمرها هل كانت زوجة له أم ملك يمين؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى