مقال

صفة إبليس اللعين.

صفة إبليس اللعين.

بقلم / محمــــد الدكـــرورى

 

لقد أخذ إبليس صفة مذمومة ملعونة وكانت هى السبب من طرده من رحمة الله عز وجل فكان السبب الحقيقي من طردة من الجنه هو الحسد وذلك عندما حسد آدم عليه السلام وإن الحسد مرض قلبي خطير، يناقض الإيمان، لذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم “لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد” وقد جاء النهي عنه في نصوص عديدة، فيقول صلى الله عليه وسلم “إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا” رواه البخاري، فإن الحسد من كبائر الذنوب والكثير منا لا يلقي له بالا، بل إنه مهلك للحسنات، فيقول صلى الله عليه وسلم “إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات، كما تأكل النار الحطب” رواه أبو داود، وإن الإسلام جاء بتطهير الباطن والظاهر، وكثير منا في غفلة عن أمراض القلوب.

 

المحبطة للأعمال، المهلكة للحسنات، الجالبة للعنات وإن الحسد له أثره العظيم، ويقول صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح “دب إليكم داء الأمم، الحسد والبغضاء، وهي الحالقة، لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين” رواه الترمذي، والحسد ناتج عن البغضاء، وسبب لها، وهو ينافي أصل الأخوة الإيمانية، وقد قال صلى الله عليه وسلم “لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه” متفق عليه، وتأملوا قول المولى سبحانه وتعالى مادحا عبادة المؤمنين فى سورة الحشر ” والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل فى قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم” وإن للحسد دواعي عدة منها بغض المحسود فلا يسر بالنعمة له، ومنها البخل بالنعم والتحسر لرؤيتها لغيره، وقد قال سبحانه وتعالى فى سورة الزخرف.

 

” أهم يقسمون رحمة ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم فى الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون” والفائدة العظمى هى أن يتمنى المرء من الخير ما شاء، دون أن يتعرض لإخوانه المؤمنين، ولكنه خبث القلوب، وشح النفوس، وهي طبيعة ينميها البعد عن الله تعالى، إن الحسد مركوز في النفوس، فقال الحسن البصري رحمه الله ما خلا جسد من حسد، ولكن المؤمن يربيه الإيمان، ويدفعه بالتقوى، وهذا علاج الحسد خوف الله تعالى، والاعتقاد بأن الحسد من الكبائر الموبقات، ومن أقبح السيئات، وأنه يغضب الرب سبحانه وتعالى، وأنه اعتراض على قضاء الله تعالى، بقوله تعالى ” أم يحسدون الناس على ما آتاهم من فضلة”فإن هذا الدين جاء ليهذب الناس في جميع حياتهم، يهذبهم في عقيدتهم، وأفكارهم.

 

وثقافتهم وأخلاقهم، وتعاملهم واقتصادهم وسياستهم واجتماعاتهم، وسائر شؤونهم، لذلك فإن الكلام عن أدب المسلم أمر له أهمية كبيرة لأن نظام الأخلاق في الإسلام هي جوهر الرسالات السماوية على الإطلاق فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول ” إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق” ومن أدب المسلم، انه لا يعرف الكذب، ولا الغيبة ولا النميمة، والغش ولا الخداع، ولا الخيانة، ولا المنكرات ولا سيء الفعال وفحش الأقوال، ولا السب ولا الشتيمة، ولا النفاق، ولا المداهنة، ولا الزور ولا البهتان، ولا يعرف القبيح إليه سبيلا، هكذا أدبه الإسلام، وإن أدب المسلم يشمل إكرام الضيف وإحسان الجوار، وصلة الأرحام وإيفاء الوعد وإتمام الجميل وصدق القول وطيب المعاملة، وبذل النفس والمال والسعي في إصلاح ذات البين، وتغيير المنكر وترشيد الناس ولين الجانب.

 

وصفاء السريرة، وإيثار الخلق في أمور الخير على النفس ولو كان بها خصاصة، وكظم الغيظ، والعفو عن المسيء واحتمال العذر في حقه ولو حتى سبعين عذراً وبعدها: لعل لأخي عذراً لا أعلمه، وليست هذه الآداب في وقت دون آخر، لا، إنها ليست لونا من الترف يمكن الاستغناء عنه عند اختلاف البيئة، وليست ثوبا يرتديه الإنسان لموقف ثم ينزعه متى يشاء، بل إنها ثوابت، شأنها شأن الأفلاك والمدارات التي تتحرك فيها الكواكب لا تتغير بتغير الزمان، ومن علاج الحسد هو مقابلته بالضد، وذلك بتمني الخير للمؤمنين والدعاء لهم والإحسان إليهم، ومساعدتهم، ودعاء الله سبحانه وتعالى بأن يجنبنا الحسد ودواعيه، وأن نعلم أن متاع الدنيا زائل، وأن العطاء الحقيقي هو ما في الآخرة وأن خير ما في الدنيا معرفة الله سبحانه وتعالى والتعلق به والتوكل عليه.

 

وهو متاح لكل راغب، ومن علاج الحسد أيضا هو الرضى بقضاء الله وقدره والقناعة بما لديك وأن ما أعطاك الله خير لك، ومن علاج الحسد أيضا هو عدم التطلع إلى ما عند الآخرين من متاع الدنيا، فهو ليس بالضرورة خيرا لهم، فيقول سبحانه وتعالى موجها نبيه صلى الله عليه وسلم ” ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقي” ولقد أوجب الإسلام حقا على المسلم لأخيه المسلم، ليسود بأداء التكاتف والتعاون والإخاء، فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” حق المسلم على المسلم ست” قيل ما هن يا رسول الله؟ قال ” إذا لقيته سلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه” حتى يشعر كل أحد أن له من يهمه أمره، ومن يعيش معه يشاركه الهموم، ويضارعه الأحزان، يجيب نداه، ويسمع شكواه، ويقبل نصحه، ويدعو له حتى على مجرد عطسة عطسها، ويزوره إذا مرض، فيا ترى ما شعور أهله إن أحسن عزاءهم إذا مات؟ إن هذا لهو الخلق العظيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى