مقال

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 5″

نبي الله داود عليه السلام ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع نبي الله داود عليه السلام، وقد أعطاه الله تعالى الإصابة في القول والفهم في القضاء، فقال تعالى ” وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب ” وأعطاه الله تعالى المنزلة العالية عند الله تعالى، فقال تعالى ” فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب ” وأعطاه الله تعالى البركة في الوقت وتيسير القراءة عليه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال “خُفف على داود عليه السلام القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج، فيقرأ القرآن قبل أن تسرج دوابه” رواه البخاري, والمراد بالقرآن هنا التوراة أو الزبور، وقرآن كل نبي يطلق علي كتابه الذي أوحي إليه، وقيل المراد بالقرآن هو القراءة، وقد أعطاه الله تعالى أيضا حسن الصوت، فقد كان داود عليه السلام ذا صوت جميل، فكان إذا رجّع التسبيح والزبور بصوته الشجي.

 

رجّعت الجبال والطير مثل تسبيحه طربا لصوته, فقال الله تعالى فى سورة الأنبياء ” وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين ” وقال تعالى ” إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق ” وقال تعالى ” والطير محشورة كل له آواب ” وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعرى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأبي موسى “لو رأيتني وأنا أستمع لقراءتك البارحة لقد أوتيت مزمارا من مزامير آل داود” قال العلماء “المراد بالمزمار هنا الصوت الحسن، وأصله الآلة المعروفة وأطلق اسمها على الصوت للمشابهة، وآل داود هو داود نفسه، وآل فلان قد يطلق على نفسه، إذ لم يعرف من أقاربه أنه أعطي من حسن الصوت ما أعطي” ولقد عاش نبي الله داود عليه السلام مائة سنة.

 

كما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لما خلق الله آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال الحمد لله، فحمد الله بإذنه فقال له ربه يرحمك الله يا آدم، اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم جلوس فقل السلام عليكم، قالوا وعليك السلام ورحمة الله، ثم رجع إلى ربه فقال إن هذه تحيتك وتحية بنيك بينهم، فقال الله له ويداه مقبوضتان اختر أيهما شئت، قال اخترت يمين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريته فقال أي رب، ما هؤلاء؟ قال هؤلاء ذريتك، فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه، فإذا فيهم رجل أضوؤهم أو من أضوئهم قال يا رب، من هذا؟ قال هذا ابنك داود، وقد كتبت له عمر أربعين سنة، قال يا رب، زد في عمره قال ذاك الذي كتبت له قال أي رب، فإني قد جعلت له من عمري ستين سنة قال أنت وذاك” رواه الترمذي وأحمد والحاكم والبيهقي وابن حبان.

 

وكان نبى الله داود نبيا ملكا ولقد آتاه الله من هباته ونعمه الكثير من ذلك أنه كان رسولا صاحب كتاب، وهو الزبور وهو كتاب من كتب الله لمنزلة واذا كان إبراهيم عليه السلام أوتي صحفا، وأوتى نبى الله موسى عليه السلام الالواح فيها التوراة فإن دواد أوتى الزبور، وآته صوتا جميلا وجمال الصوت عند داود عليه السلام ليس على المعنى العادي الآلى في الأنغام والألحان ونسبها المحدودة ليخرج الصوت جميلا، ولقد كان هذا عند داود، ولكن صوت داود كان له طابع آخر هو الذي أعطى له تلك النفاسة الهائلة التي كانت له وما كان داود يشعر بنفسه وهو يرتل الزبور أي أنه كان مع الله وهو يتغنى بكلمات الكتاب المقدس بل كان فانيا في الله جل جلاله، لقد كان يتغنى ويبكى لقد كان زبورا مترنما فكان لحنا ربانيا، ويعبر القرآن في صورة جميلة.

 

عن تأثير داود عليه السلام البالغ اثناء تغنيه وهو سبحانه يسمى ذلك تسبيحا فيقول ” إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق، والطير محشورة كل له أواب” ولقد تكلم المفسرون في القرآن الكريم في عن صوت نبى الله داود عليه السلام، فيقول الأوزعي أعطى داود عليه السلام من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط حتى كان الوحش والطير ينعكف حوله حتى يموت عطشا وجوعا وحتى أن الأنهار لتقف، ويقول ابن كثير إن الله تعالى قد وهبه من الصوت العظيم ما لم يعطه أحدا، بحيث أنه كان إذا ترنم بقراءة كتاب الله يقف الطير في الهواء يرجع بترجيعه ويسبح بتسبيحه وكذلك الجبال تجيبه وتسبح معه كلما سبح بكرة وعشيا وعن عائشة رضى الله عنها قالت سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوت أبى موسى الأشعري وهو يقرأ فقال ” لقد أوتى أبو موسى من مزامير آل داود”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى