مقال

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 1″

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

لن تكفينا سطور وصفحات وأيام وشهور لنحصي وصف الأم وما تستحقه من بر وعطف وتكريم وعطاء وحنان امتنانا لما تفعله في كل لحظة، ولكن نحصر كل ذلك في كلمة واحدة وهي أن الأم هي النقاء والعطاء بكل صوره ومعانيه، وأن الله تعالى قد قرن بر الوالدين والإحسان إليهما بتوحيده سبحانه وتعالي، فقال تعالى فى كتابه الكريم ” وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ” وقال ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاثة، لا يقبل الله واحدة بدون قرينتها، أما الأولى فهى قوله تعالى كما جاء فى سورة محمد ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ” فمن أطاع الله ولم يطع الرسول صلى الله عليه وسلم فلن يقبل منه، وأما الثانية فهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة ” فمن أقام الصـلاة وضيع الزكاة.

 

لن يقبل منه، وأما الثالثة فهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة لقمان ” أن اشكر لى ولوالديك” فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لن يقبل منه، وأما عن حياة البر ما أروعها من حياة، إنها حياة السعادة والطمأنينة، إنها حياة الأمن والأمان، يالها من لذة، فيها ستشعر بانشراح الصدر، ستشعر بالسعادة فى كل الخطا، بل سيوسع الله عليك رزقك، بل سيبارك الله لك فى عمرك، فى حياة بر الوالدين، فإن البر سبب دخول الجنة فعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه” قيل من يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم “من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة” فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول رغم أنفه ثلاثا أى ذل وهان وتعرض للخيبة و الخذلان من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما، ثم لم يكونا سببا فى دخوله الجنة، فإياك أن تضيع هذا الخير، يا من منّ الله عليك به.

 

الآن بر الوالدين من أعظم القربات إلى رب الأرض والسماوات، فعن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أى العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال صلى الله عليه وسلم “الصلاة على وقتها” قال ثم أى؟ قال صلى الله عليه وسلم “ثم بر الوالدين” قال ثم أى؟ قال صلى الله عليه وسلم “الجهاد فى سبيل الله” وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم أجاهد؟ قال صلى الله عليه وسلم “لك أبوان؟ قال نعم قال صلى الله عليه وسلم ” ففيهما فجاهد” وقيل أنه جاء رجل للنبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جئت أبيايعك على الهجرة والجهاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم” هل من والديك أحد حى؟ قال نعم، بل كلاهما قال صلى الله عليه وسلم فتبتغى الأجر من الله؟ قال نعم.

 

قال صلى الله عليه وسلم “فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما” وهكذا فإن بر الوالدين أيضا هو سبب تفريج الكربات، فعن ابن عمر رضى الله عنهماأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “بينما ثلاثة نفر يمشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غار فى الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم فقال بعضهم لبعض انظروا أعمالا عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها فقال أحدهم اللهم إنه كان لى والدان شيخان كبيران، ولى صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رُحت عليهم فحلبت، بدأت بوالداى أسقيهما قبل ولدى، وإنه نأى بي الشجر فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب فجئت بالحلاب فقمت عند رؤسهما، أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمى.

 

فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أنى فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا فرجة، نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة حتى يرون منها السماء” وإن معنى هذا الحديث لما تقرب الرجل إلى الله عز وجل ببر والديه استجاب الله دعاءه، فعليك ببر الوالدين بإخلاص تكن مستجاب الدعوة، وإنه معلوم أن بر الأم مقدم على بر الأب، وكما أن للوالدين حقوقا على الأبناء فإن للأبناء حقوقا على الآباء، كم من آباء، وكم من أمهات قد ضيعوا الأبناء ؟ إن التربية منذ أول اللحظات مسئولية كاملة للوالدين بل و قبل أن يأتى الولد للحياة، فالوالد مسئول عن هذا الابن الذى لم يأتى بعد، كيف ذلك ؟ أن يحسن اختيار أمه التى يجب أن تربيه بعد ذلك على الصلاح والفضائل، فيا أيها الوالد الكريم إذا ربيت ولدك على الفضائل، والأخلاق الكريمة والصلاح منذ نعومة أظفاره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى