مقال

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 9″

أن اشكر لى ولوالديك ” جزء 9″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء التاسع مع أن اشكر لى ولوالديك، وبناء على ما سبق فقد تم إيضاح عدة ضوابط وشروط مهمة للاحتفاء بمناسبة يوم الأم، وهى عدم اعتبار هذا اليوم عيد بالمعنى الشرعى، حيث إن للمسلمين عيدين فقط هما عيد الفطر، وعيد الأضحى، عدم الاقتصار على هذا اليوم فقط فى إظهار المحبة والبر والإحسان والتكريم للأمهات، حيث إن كل أيامنا عيد بوجودهن، وكذلك الابتعاد عن المخالفات الشرعية، وأيضا رأي المانعون أنه قد ذهب مجموعة من أهل العلم، إلى القول بتحريم الاحتفال بعيد الأم والاحتفاء به وتخصيصه، وبيان آرائهم فيما يأتى، أولا علماء اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية، وقد قالوا بإن الاحتفال بيوم عيد الأم محرّم شرعا، فهو من البدع التي لم ترد عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن صحابته الكرام.

 

وقد قال الشيخ ابن عثيمين إن هذا العيد بدعة ومخالف للشريعة، فلم يكن معلوم فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة، والأعياد الشرعية المعروفة هي فقط عيد الفطر، وعيد الأضحى، وعيد الأسبوع يوم الجمعة، أما ما سوى هذه الأعياد الثلاثة فهي باطلة ومخالفة للشرع، واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الشيخ ابن عثيمين أنه لا يجوز الاحتفال بهذا اليوم أو إحداث أى شعائر من العيد فيه كتقديم الهدية وإظهار السرور والفرح فيه، لأن هذه الأعياد بدع لم تكن معلومة في زمن السلف الصالح، وقال الشيخ ابن باز، إن تخصيص يوم في السنة للأم وإهمالها بقية العام من الأمور المخالفة للشريعة الإسلامية، والآيات القرآنية والأحاديث الشريفة كثيرة في بيان وجوب بر الوالدين والإحسان إليهم وصلة الرحم، وبيان التحذير من عقوقهما.

 

وقطع صلتهما، فتخصيص يوم من أيام السنة للاحتفال في الأم من الأمور المحدثة في الدين ولم يفعلها النبى صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، لذا وجب ترك الاحتفال به ونصح الناس بذلك والاكتفاء بما شرع الله ورسوله، وأما عن تاريخ الاحتفال بعيد الأم إن تاريخ الاحتفال بعيد الأم يختلف من دولة إلى أخرى، وهكذا فإن الأم هي منبت الإنسان وأصله، وفي قرارات أرحام الأمهات تشكل الأبناء خلقا من بعد خلق، وطورا بعد طور، ينبتون تحت أضلاعها، ويكبرون في حواشيها، ويتغذون من دمها وجسدها، الذي يصيبه الوهن يوما بعد يوم ليكبر ذلك الجنين في بطنها، وهي تناظر اليوم بعد اليوم، بل الساعة تلو الساعة، لترى حملها بين يديها، فتنسى في هذه اللحظة مرارة الحمل، وأوجاع الولادة فكيف لا تكون الأم أغلى كنز وأعظم منحة إلهية.

 

وهي بعد ذلك لا تكل ولا تمل تعهدا وتربيةً وتطبيبا ورعاية وتغذية، وغاية مناها وراحة ضميرها أن ترى أبناءها قد حققوا آمالهم، وبنوا أنفسهم، واستقلوا بذاتهم، والإسلام دين نالت الأم فيه مكانة لا نظير لها، ولا قريب منها، سطرتها كثير من الآيات الكريمات والأحاديث الشريفة، ولكن الناس فى العالم المعاصر، مسلمين وغير مسلمين، اصطلحوا على تسمية يوم خاص للاحتفال بالأم، وأسموه عيد الأم، ولقد كثر في الغرب تخصيص أيام بعينها فى السنة للاحتفال بشيء يرغبون في تذكير المجتمع به، لأنهم يشعرون بأهميته، أو لأنهم يشعرون بإهمال فى حق جانب أو شخص أو فئة اجتماعية، فيبحثون عن مناسبة لتذكير المجتمع بها، وهذا هو المنطلق والأساس لفكرة الأعياد والأيام التي كثر تخصيصها في الغرب، مثل يوم المرأة، ويوم الطفل.

 

ويوم الأم، ويوم العمال، ومثل ذلك، وهم في هذا لا ينطلقون فيما يبتدعونه من دين أو شرع، وإنما يخترعون هذه الأعياد بمحض أهوائهم ونظرتهم وحاجاتهم الاجتماعية، فعيد العمال نابع من رغبتهم في مراعاة حقوق العمال وإنصافهم، وعيد المرأة لأنهم يرون المرأة مسلوبة الحقوق مظلومة في مجتمعاتهم، ويوم الطفل لأن الطفل يتعرض في الغرب لأمراض اجتماعية كثيرة، وعيد الأم نبع من علل وأمراض في مجتمعات ليس لديها شرع صحيح تقوم عليه، ففي المجتمعات الغربية قصور كبير في علاقاتهم الاجتماعية، ولا سيما علاقة الأبناء بالأمهات، ولعلاج هذا القصور ابتدعوا عيدا يعالجون به تقصيرهم وإهمالهم وعقوقهم في يوم واحد في السنة، وهكذا ظهرت هذه البدعة لتلبي تلك الرغبة المحدودة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى