مقال

سيرين بنت شمعون ” جزء 1″

سيرين بنت شمعون ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

السيدة سيرين بنت شمعون، وهى صحابية جليلة وكانت قبطية ثم أسلمت، ومعنى كلمة سيرين هو اسم فارسي ويعني ذات الوجه الممتلئ أو القمر أو الشيء الحلو أوالعذب وقد روت عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عدة أحاديث، وهي جارية أهداها المقوقس ملك القبط إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مع أختها السيدة مارية القبطية، والمقوقس هو في التاريخ الإسلامي وهو عظيم القبط في فترة ما قبل وأثناء الفتح الإسلامي لمصر، وغالبا ما ينسب إلى البطريرك كيرس أو كيرولوس اليوناني الذي كان بطريركا ملكانيا متوليا كرسي كنيسة الإسكندرية في القرن السابع.

 

وهو أحد واضعي عقيدة المشيئة الواحدة، وآخر حاكم بيزنطي لمصر، وقد عينه هرقل إمبراطور بيزنطة واليا عليها وبطريركا لكنيسة الإسكندرية، ولم يكن المقوقس اسما لرجل، وإنما كان لقبا أو اسما لوظيفة، فهو تعريب لكلمة يونانية والتي تعني، جلالته أو صاحب الجلالة، وهو لقب كان يستخدم كتتويج في الإمبراطورية البيزنطية ولبطاركتها، وقد ظهر هذا اللفظ في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم، إلى المقوقس عظيم القبط، ثم عاد إلى الظهور مرة أخرى في أحداث فتح مصر، وبعد أن تم صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم، وبين المشركين في مكة.

 

وبدأ الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، في الدعوة إلى الإسلام، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابة كتبا إلى ملوك العالم يدعوهم فيها إلى الإسلام، وأهتم بذلك اهتماما كبيرا، فأختار من أصحابه من لهم معرفة وخبرة، وأرسلهم إلى الملوك، ومن بين هؤلاء الملوك هرقل ملك الروم، كسرى أبرويز ملك فارسيون ،والمقوقس ملك مصر التابع للدولة البيزنطية والنجاشي ملك الحبشة، وتلقى هؤلاء الملوك الرسائل وردوها ردا جميلا، ما عدا كسرى ملك فارسيون، الذي مزق الكتاب، ولما أرسل الرسول صلى الله عليه وسلم، كتابا إلى المقوقس حاكم الإسكندرية والنائب العام للدولة البيزنطية في مصر.

 

وقد أرسله مع الصحابي حاطب بن أبي بلتعة، وكان معروفا بحكمته وبلاغته وفصاحته، فأخذ حاطب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم، إلى مصر وبعد أن دخل على المقوقس الذي رحب به، واخذ يستمع إلى كلمات حاطب، فقال له ” يا هذا، إن لنا دينا لن ندعه إلا لما هو خير منه” واعجب المقوقس بمقالة حاطب، فقال لحاطب ” إني قد نظرت في أمر هذا النبي فوجدته لا يأمر بمزهود فيه، ولا ينهي عن مرغوب فيه، ولم أجده بالساحر الضال، ولا الكاهن الكاذب، ووجدت معه آية النبوة بإخراج الخبء والأخبار بالنجوى وسأنظر” وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم، رسالة جاء فيها.

 

“بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المقوقس عظيم القبط، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك بدعوة الإسلام، أسلم تسلم يؤتك الله أجرك مرتين، وتقول الرواية إن المقوقس لما قرأ الكتاب سأل حامله، وهو حاطب بن أبي بلتعة ما منع صاحبك إن كان نبيا أن يدعو على من أخرجوه من بلده فيسلط الله عليهم السّوء؟ فقال حاطب وما منع عيسى أن يدعو على أولئك الذين تآمروا عليه ليقتلوه فيسلط الله عليهم ما يستحقون؟ قال المقوقس أنت حكيم جئت من عند حكيم، وأخذ المقوقس كتاب النبي الكريم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، وختم عليه، وكتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

 

” بسم الله الرحمن الرحيم إلى محمد بن عبد الله، من المقوقس عظيم القبط، سلام عليك، أما بعد فقد قرأت كتابك، وفهمت ما ذكرت فيه، وما تدعو إليه، وقد علمت أن نبيا بقي، وكنت أظن أنه سيخرج بالشام، وقد أكرمت رسولك، وبعثت إليك بجاريتين لهما مكان في القبط عظيم، وبكسوة، وأهديت إليك بغلة لتركبها والسلام عليك” وقد استقبل المقوقس الرسالة بالإكرام، وأمر بوضع الخطاب في نعش عاجي لحفظه في خزانة الحكومة بأمان، وأهدى النبي صلى الله عليه وسلم، جاريتين أختين هما مارية القبطية وسيرين ابنتا شمعون، بالإضافة إلى ملابس وبغلة تدعى دلدل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى