مقال

مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 5″

مخاطر الطلاق والإنفصال ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع مخاطر الطلاق والإنفصال، وقد أشار رسول الله صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف إلى ما يدعو لنكاح المرأة بشكل عام فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها وجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك” وفي الحديث تأكيد على ضرورة اعتبار عنصر الدين في اختيار الزوجة، حيث يغفل عنه الناس عادة لإنشغال النفس بمراعاة الدواعي الأخرى، وإذا كان اختيار الزوجة الصالحة من أهم عناصر ديمومة الحياة الزوجية، فإن اختيار المرأة للرجل الصالح أكثر أهمية لما يترتب على سوء اختيار الرجل من معاناةٍ للمرأة وهضم لحقوقها، وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أن المرأة المسلمة إذا أرادت الزواج، فلا بد لها من أن تقبل بالرجل الصالح.

 

فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” وإن رفض الرجل مع كونه صالحا يدل على تغير الموازين والقيم التي أراد الإسلام إرساءها في المجتمع المسلم، وهو ما عبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله “إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض” إن صلاح الرجل هو سياج للمرأة في كل حالها، فإن أحبها أكرمها، وإن كرهها لم يظلمها، وهو في كلا الحالتين لا تجنح نفسه إلى حرام فيبقيها كالمعلقة، استجابة لقوله تعالى كما جاء في سورة البقرة ” فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان” فالواجب على المسلمين مراعاة حدود الله، والتمسك بما أمرهم الله به، وألا يتخذوا من العادات سبيلا لمخالفة الأمور المشروعة، فيجب مراعاة هذه المسألة.

 

وأن المطلقة الرجعية يجب أن تبقى في بيت زوجها حتى تنتهي عدتها، وفي هذه الحال في بقائها في بيت زوجها لها أن تكشف له، وأن تتزين، وأن تتجمل، وأن تتطيب، وأن تكلمه ويكلمها، وتجلس معه، وتفعل كل شيء ما عدا الاستمتاع بالجماع أو المباشرة، فإن هذا يكون عند الرجعة، وله أن يراجعها بالقول، فيقول راجعت زوجتي، وله أن يراجعها بالفعل، فيجامعها بنيّة المراجعة، وكما أن يتلطف في التعليل بتطليقها من غير تعنيف أو استخفاف، والإبقاء على ودها، وتطييب قلبها بهدية على سبيل الإمتاع والجبر لخاطرها لما فجعها به من أذى الطلاق، فيقول الله تعالى في سورة البقرة ” لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة ومتعوهن على الموسع قدرة وعلي المقتر قدرة متاعا بالمعروف حقا علي المحسنين”

 

وكما يجب ألا يبخسها أي حق من حقوقها، فيقول الله تعالى ” وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا” وكما أن يكون رجلا في موقفه منها، وأن يكون شهما في معاملته لها بعد الطلاق، فلا يلوكها بلسانه بما يسيء إليها بحق أو بباطل، ولا يلجئها إلى المحاكم في سبيل الحصول على حقوقها من نفقة أو حضانة امتثالا لقول الله تعالى كما جاء في سورة البقرة ” ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير” وكما يجب ألا يفشي سرّها لا في الطلاق ولا عند النكاح، فقد روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال “إن من أشرّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يُفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرّها” وكما إن كون المرأة من ذوات المال قد يشجع البعض على الزواج منها.

 

وقد أشار إلى ذلك الحديث السابق باعتباره مألوفا بين الناس وعادة، والإسلام لا يرفض مثل هذا التوجه إلا إذا كان على حساب ما نص الشرع على تفضيله وهو الدين، فلا ينبغي الإغترار بالمال ونسيان الصفة الأهم، وكثير من الآيات والأحاديث تحذر من الإغترار بالأموال على حساب الدين وهذه الآيات والأحاديث عامة في كل حال، فقال تعالى كما جاء في سورة التوبة ” ولا تعجبك أموالهم وأولادهم إنما يريد الله أن يعذبهم بها في الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون” وهذه الآية نزلت في المنافقين خاصة، ولكنها عامة في معناها إذ لا ينبغي أن يعجب الإنسان بصاحب المال عند غياب الإيمان والعمل الصالح، وإن الحسب المعتبر بالحديث هو فعال الشخص خاصة، فقد ورد في الحديث الشريف ” كرم المؤمن دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه” ولقول النبي صلي الله عليه وسلم ” ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى