مقال

هل أنزل الله كتبا سماوية أخرى غير التوراة والإنجيل والقرآن.؟

هل أنزل الله كتبا سماوية أخرى غير التوراة والإنجيل والقرآن.؟

بقلم اشرف فوزى

 

الكتب السماوية الأربعة التوراة والإنجيل والزبور والقرآن الكريم نزلت باللغات الأربعة: اللغة السامية والآرامية والسريانية والعربية، فنزلت الكتب الأولى باللغة السامية لأنه نطق بها سام ابن نوح عليه السلام وفيها يقول سبحانه وتعالى (إِنَّ هَذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَى ﴿١٨﴾ صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى ﴿١٩﴾ الأعلى) بينما التوراة نزلت باللغة الآرامية التي تكلم بها اليهود لكن اليهود كانوا كثيري العبور فغلب الفعل على الاسم فأصبح الناس يقولون العبرية لكثرة عبورهم وذلك لما وصلوا إلى مصر وعبروا النهر إلى مصر فقال المصريون: “ها عبري” يعني عبروا إلينا فغلب الاسم على الأول فبدأ الناس يقولون العبرية. ثم اللغة الثالثة السريانية بها نزل الإنجيل على عيسى عليه السلام لكن عيسى بن مريم اضطر إلى أن يترجم الإنجيل إلى بني جلدته وهم اليهود، إلى اللغة الآرامية يعني العبرية.

 

(الم ﴿١﴾ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ ﴿٢﴾الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَالصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴿٣﴾وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَوَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴿٤﴾أُولَئِكَ عَلَى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿٥﴾ البقرة)

 

أما اللغة الرابعة وهي اللسان العربي بها نزل القرآن على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وتعتبر هذه اللغة الجديدة أو اللسان الجديد الذي فيه الإبانة لأن لغة قريش منابعها من خمس أماكن: باب العربية العراق ويمينها اليمن وبركتها الشام وقلبها مكة وعقلها المدينة. إذن هذا لسان قريش الجديد وفيه يقول سبحانه وتعالى (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿١٩٢﴾ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴿١٩٣﴾ عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ ﴿١٩٤﴾ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ﴿١٩٥﴾ الشعراء) (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا (2) يوسف) (وَهَٰذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ (١٠٣ النحل) (وَهَٰذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا (١٢) الأحقاف) فكانت العربية لسانًا ولم تزل لأن القرآن الكريم نزل يتحدى قريشًا في لسانها لأن الله تبارك وتعالى أنزله بنظم إلهي لكنه بلسان عربي. ومن ثمّ فإن قريشًا كانت تحرص أشد الحرص في طريقتها في الجاهلية أن تفلتر اللسان العربي وكأنها سيقت إلى أمر فيه الخير بدون أن تدري فكانت تفلتر الكلام السقيم من الصحيح في العصور الأولى الغابرة وكأنها تعد وتستعد للقاء كلام إلهي دون أن تدري، فكان العلماء وفصحاء العرب يفلترون كل كلمة تدخل حتى لا يتركون من يدخل مكة من الشعراء والبلغاء إلا إذا كان فصيحًا بليغًا.

لكن هل كانت تلك الرسائل الثلاث سالفة الذكر كانت هى رسائل الله السماوية أو الكتب السماوية فقط التى نزلت من السماء، أم أن هناك رسائل أخرى أنزلها الله ولكنها لم تكن كتابا لأصحاب دين معين؟

 

الواقع أن الله تعالى أنزل رسائل وكتبا أخرى على أنبياء غير أنبياء الرسائل الثلاث، وهى صحف إبراهيم وكتاب الذبور، الذى أنزلهما تعالى على أبو الأنبياء الخليل إبراهيم عليه السلام، والنبى الكريم داوود، بالترتيب.

 

صحف إبراهيم هى رسائل سماوية تلقاها النبى إبراهيم، يعتقد إنها نزلت عليه فى أول ليلة من شهر رمضان، واشتملت على حكم ومواعظ أشار لها القرآن الكريم فى ٤ مواضع؛ اثنين منها مجملة والأخريين مفصلة.

 

وأنزل الله تعالى على إبراهيم عليه السلام صحفًا كما قال تعالى: إِنَّ هَذَا لَفِى الصُّحُفِ الْأُولَى * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى الأعلى، وقد أخبرنا الله جل جلاله فى كتابه الكريم، عن بعض ما كان فى صحف إبراهيم عليه السلام: قال تعالى: (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِمَا فِى صُحُفِ مُوسَى (٣٦) وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِى وَفَّى (٣٧) أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (٣٨) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (٤٠) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (٤١))، إلى آخر الآيات من سورة النجم، ومثلها الآيات المعروفة فى سورة الأعلى ، وقد سبق ذكر آخرها.

 

أما زبور داود عليه السلام، فهو كتابه الذى أوحاه الله إليه، قال تعالى: وَرَبُّكَ أَعْلَمُ بِمَنْ فِى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَقَدْ فَضَّلْنَا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلَى بَعْضٍ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا.

 

والزبور بمعنى المزبور أى المكتوب بحسب “تفسير القرطبي”، وقال الطاهر: “اسم لمجموع أقوال داوود – عليه السلام – التى بعضها مما أوحاه إليه وبعضها مما ألهمه من دعوات ومناجاة وهو المعروف اليوم بكتاب المزامير من كتب العهد القديم”.

 

وقد ذكر أهل العلم أن زبور داود كان يشتمل على تحميد وتمجيد لله تعالى.

 

وقد عثرعلى أول نسخة كاملة من مزامير نبى الله داود، عام ١٩٨٤ فى قرية “المضل”، التى تقع جنوب مدينة بنى سويف، فى مقبرة تعود إلى العصر المسيحى الأول فى القرن الرابع الميلادى، وهى الآن متوفرة ويوجد منها ترجمات بعدة لغات من بينها العربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى