مقال

سبحان الذي أسري بعبده ليلا ” جزء 1″

سبحان الذي أسري بعبده ليلا ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

إن الله سبحانه وتعالى أنزل عبدين من عباده من السماء إلى الأرض، ورفع عبدين من عبيده من الأرض إلى السماء فقد أنزل الله تعالي أبو البشر آدم وزوجه، كما قال تعالي ” قلنا اهبطوا منها جميعا” وقد رفع الله عز وجل نبي الله ادريس عليه السلام، حيث قال تعالي”ورفعناه مكانا عليا” وكما رفع الله عز وجل نبي الله عيسى عليه السلام، حيث قال تعالي “إذ قال الله يا عيسي إني متوفيك وافعك إلي” فإذا كان ذلك حدث من الله العظيم القادر علي كل شئ الذي أمره بين الكاف والنون، فكيف نستكثر على رسول الله صلي الله عليه وسلم أن يعرج به مولاه ؟ وكما نحن نعلم جيدا أن الله عز وجل وهب عبدا من عباده القدرة على نقل عرش ملكة سبأ وهي الملكة بلقيس من جنوب اليمن إلى أرض فلسطين في طرفة عين، ويقول تعالي ” قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك”

 

فإذا كانت هذه قدرة عبد من عباد الله عز وجل فكيف بخالقه؟ وإذا كانت هذه إمكانية موهوب فكيف بالواهب سبحانه ؟ فإن رحلة الاسراء والمعراج هي أعظم رحلة قام بها انسان في تاريخ البشرية، ولقد إعتاد المسلمون إحياء ذكرى معجزة الإسراء والمعراج التي قيل أنها حصلت في السابع والعشرين من شهر رجب في السنة الخامسة قبل الهجرة، وإن الإسراء والمعراج من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الإسراء فثبت بنص القرءان والحديث الصحيح، فيجب الإيمان بأنه صلى الله عليه وسلم أسرى الله به ليلا من مكة إلى المسجد الأقصى، وإن المقصود من المعراج هو تشريف الرسول صلي الله عليه وسلم باطلاعه على عجائب العالم العُلوي، أما الله تعلى فهو موجود بلا مكان ولا يجري عليه زمان، لا يسكن سماء ولا أرضا.

 

بل هو خالق السماء والأرض والعرش والكرسي ولا يحتاج إلي شىء من خلقه، ومن نسب المكان أو الجهة لله لا يكون مسلما، وعليه الرجوع للإسلم بالنطق بالشهادتين مع ترك الاعتقاد الفاسد، وقد وقعت رحلة الاسراء والمعراج، في السنة العاشرة من مبعث الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي بعد عشر سنوات كاملة من الاضطهاد الشديد، والايذاء والمعاناة، وفي هذا العام توفي أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم وبعد شهر واحد فقط من وفاة أبو طالب توفيت السيدة خديجة، زوجة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهكذا في عام واحد يفقد رسول الله صلى الله عليه وسلم النصير القوي خارج المنزل، والحضن الدافيء داخل المنزل، وتشمت قريش، ويشتد الايذاء، ولا أحد يريد أن يؤمن من أهل مكة، فيخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الطائف.

 

ومعه غلامه زيد بن حارثة، مشيا على قدميه، مسافة مائة كيلو متر، ولكن لمذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مشيا على رجليه؟ حتى لا ينتبه أحد الى سفره الى خارج مكة، ويجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ثلاثة من زعماء الطائف، فيجيبونه اجابات سمجة، يقول له أحدهم أما وجد الله غيرك ليرسله، ويقول الآخر والله لو رايتك متعلقا بأستار الكعبة ما صدقتك، ويقول الثالث اما أنك نبيا حقا فأنت أعظم من أن أكلمك، واما أنك تكذب فأنت أدني من أن أكلمك، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فان أبيتم فلا تخبروا قريش، فقالوا لا والله لنخبرن قريشا قم يا فلان فأخبر قريشا، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن ابيتم فدعوني أذهب، قالوا لا والله حتى ترضخ بالحجارة، فيقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي ومعه زيد بن حارثة وتقف الطائف صفين.

 

يرمونه بالحجارة، وزيد يحميه بجسده، وتدمي قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدم، ويجلس مع زيد يستريح الى جوار حديقة، ويرفع يديه ويقول “اللهم إليك أشكو ضعف قوتي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، أنت أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي إلى من تكلني، إلى بعيد يتجهمني، أم إلى عدو ملكته أمري، إن لم يكن بك غضب علي فلا أبالي، غير أن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك ألذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن يحل علي غضبك، أو أن ينزل بي سخطك لك العتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك” ويعود رسول الله صلى الله عليه وسلم مهموما هما شديدا، ويرفع راسه فاذا سحابة قد أظلته، ويناديه ملك الجبال يا محمد إن الله قد سمع قول قومك لك، وأنا ملك الجبال، وقد بعثني ربك إليك لتأمرني إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى