مقال

المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 6″

المرأة في زمن الجاهلية والإسلام ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع المرأة في زمن الجاهلية والإسلام، وكما كرمها بنتا، فحث على تربيتها وتعليمها، وجعل لتربية البنات أجرا عظيما، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم “مَن عالَ جاريتين حتى تبلغا، جاء يوم القيامة أنا وهو” وضمّ أصابعه، رواه مسلم، وقد تجتمع في المرأة الواحدة أكثر من صفة، بأن تكون مثلا زوجة، إلى جانب كونها بنتا وأمّا وأختا وعمة وخالة، وهنا ينالها التكريم على كل وجه، وعليه، فالإسلام حدّ حدودا ووضع منهجا للتعامل مع المرأة، رافعا من شأنها، بل سوّى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام فهي مأمورة مثله بالإيمان والطاعة، ومساوية له في جزاء الآخرة، ولها حق التعبير، تنصح وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتدعو إلى الله، ولها حق التملك، وغير ذلك.

 

مما حُرمت منه المرأة غير المسلمة، وإن المرأة في زمن العولمة تم الاهتمام بزيادة التشغيل الهش لها، ضمن علاقات إنتاج منخفضة الأجر، وتحولها إلى أداة للخدمة في جميع أنحاء العالم، إلى جانب مُعايشة عالم استهلاك مفرط، وعدم القدرة على تلبية الحاجيات، مع تنامي الواجبات الاجتماعية والبحث عن هوية جديدة ضمن إطار اجتماعي تزداد فيه الفوارق، وهو ما يعرضها لأشكال من العنف المرتبط بالجنس، وتزايد المنافسة والطلب عليهن من طرف الشركات، كما أن استغلال جسد المرأة وصورتها في الدعاية والإشهار في ترويج وتسويق المنتجات الرأسمالية، يُعد مطلبا في ظل الدعوة لتمدنها وانفتاحها على الآخر، وكما يتم تشغيل المرأة بشكل نمطي وفي أوقات الحاجة وحسب المزاج.

 

وتحرم من حقوقها الطبيعية، وكل هذا وغيره تدفعه المرأة ثمنا لظروف عمل بائسة ورتيبة، تفقدها الطاقة والصحة، مع غياب الرعاية الاجتماعية، وتتمتع بحقوق ضئيلة، وأجر لا يضمن عيشا كريما، فالعولمة إذن تقذف بالمرأة إلى الخارج بسرعة، دون ضمانات وبلا رحمة ولا شفقة، والمهم هو الاستفادة منها وتوظيفها في جعل الاقتصاد يزدهر، والاستمتاع بمحاسنها في أروقة عروض الأزياء، بدل الاكتفاء بدورها التقليدي، وتحميلها مسؤولية اجتماعية، والمحافظة على قيمتها ضمن ملامحها التربوية القديمة، وإن بعض الأولياء قد يستخدم أسلوبا مغايرا في طرق الزواج لوليته أو لإبنته فهو لا يرفض الخاطب، ولكنه بحيلته ومكره ودهائه يجعل الفتاة المسكينة هي التي يؤجل الزواج من أجل غاية خسيسة.

 

ومغزى فاضح، فتراه يذكرها بما أنفقه عليها طول بقائها وأثناء دراستها ويمن بذلك عليها، ويلاطفها بالكلام العذب ويستعطف قلبها الطيب الرقيق، فيطلب منها أن تبقى معه إلى السنة القادمة، من أجل مساعدة أمها أو تعليم إخوانها، أو غير ذلك من الحيل الماكرة، كل ذلك من أجل الاستيلاء على راتب الموظفة التي تكد وتتعب ويأتي الظلمة ويأكلون ذلك بغير حساب لشعور من تعب من اجل الحصول عليه، وكل ذلك أيضا حبا في الدنيا وزينتها، فكم ستعيش أيها الأب القاسي ستين سنة أو أكثر من ذلك أو أقل، ثم أين المصير ؟ إنها حفرة طولها مترين، وعرضه نصف متر، فماذا أعددت لها ؟ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة” متفق عليه.

 

وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم “يتبع الميت ثلاثة، أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد، يرجع أهله وماله ويبقى عمله” متفق عليه، فما الفائدة التي جناها الآباء من تلك النقود التي جمعوها من جراء ظلم البنات ؟ وأي عمل خرجوا به من هذه الدنيا وهم على تلك الحال المخزية من آكل لأموال البنات ؟ وظلم وجور وتعد لحدود الله تعالى بعضلهم للبنات ؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم أيضا “تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض” رواه البخاري، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال يارسول الله، دلني على عمل إذا عملته أحبني الله، وأحبني الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما عند الناس يحبك الناس” رواه بن ماجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى