مقال

حديث الصباح…… 

حديث الصباح.

 

أشرف عمر

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله ُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ :

 

{ الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ ، كَلَابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ }.

 

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. ( رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ )

 

الْمُتَشَبِّعُ بِمَا لَمْ يُعْطَ = المُتَكثِّرُ بِمَا لَيْسَ عِنْدَهُ ، المُتَزيِّنُ بِالبَاطِلِ.

 

*شرح الحديث*:

لا يَنْبغي للمُسلمِ أنْ يدَّعِيَ ما ليس فيه، ولا أنْ يَتظاهَرَ بغيرِ الحَقيقةِ.

 

وفي هذا الحديثِ تروي أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عنهما أنَّ امرأةً لها ضَرَّةٌ -زوجةٌ أخرى لزوجِها- سألتْه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: هل عليها إثمٌ إذا تشبَّعَتْ مِن زَوجِها غيرَ الَّذي يُعْطِيها؟ أي: ادَّعتْ أمامَ ضَرَّتِها أنَّ زَوجَها يُعْطيها مِنَ الحُظوةِ والمكانةِ أكثرَ مِنَ الواقعِ؛ لِتَغيظَها، فقال لها النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «المُتشبِّعُ بِما لم يُعطَ كلابسِ ثوبَيْ زُورٍ»، والتشَبُّعُ في الأصلِ يُستعمَلُ بمعنى التكَلُّفِ في الأكلِ والتجاوُزِ عن الشِّبَعِ، وبمعنى التشَبُّهِ بالشَّبعانِ، ومن هذا المعنى الأخيرِ استُعيرَ للتحَلِّي بفضيلةٍ أو زينةٍ لم تُرزَقْ، والمتشبِّعُ هو المتكثّرُ بأكثَرَ ممَّا عنده يرائي به أو يتكَبَّرُ به، وعلى ذلك فإنَّ الَّذي يدَّعي ويَتظاهرُ بما ليسَ فيه وليس عندَه، فهو كمَنْ يَلْبَسُ ثَوبينِ مُستعارَينِ أو مودُوعَينِ عنده يَتظاهرُ أنَّهما مِلْكُه، وكَمَنْ يُزَوِّرُ على النَّاسِ، فيلبَسُ لِباسَ ذوي التقَشُّفِ، ويتَزَيَّا بزِيِّ أهلِ الصَّلاحِ، وأضاف الثوبينِ إلى الزُّورِ؛ لأنهما لُبِسَا لأجْلِه، وثُنِّي باعتبارِ الرِّداءِ والإزارِ، يريد: أنَّ المتحَلِّيَ بما ليس له كمن لَبِسَ ثوبَينِ من الزُّورِ، ارتدى بأحَدِهما، وتأزَّرَ بالآخَرِ.

 

كما إنني أرى أن هذا الحديث ينطبق على ظاهرة متنامية ومقلقة في أوساط أهل الإسلام، ألا وهي: اقتحام عدد من الناس المجالات الشرعية بالفتيا والتنظير، وبالاعتراض على أحكام شرعية، مع عدم اتصاف أولئك بالعلم الذي يؤهلهم ولو بقدر أدنى للخوض في هذه المسائل.

 

ومما يقلق ما يوجد اليوم عبر عدد من وسائل الإعلام وغيرها من تجرؤ عدد من الكُتَّاب والكاتبات على المناقشة والفتيا في مسائل ما كان لهم أن يطروحها لو كانوا متخصصين، فكيف وهم يفقدون الزاد الشرعي الذي يؤهلهم لهذا.

 

صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى