مقال

نهاية الدولة الأموية ” جزء 1″ 

نهاية الدولة الأموية ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

وقد وصلنا إلي نهاية الدولة الأموية، وكان ذلك بعدما أقام عبد الله بن علي في موضع المعركة سبعة أيام، ثم احتاز عبد الله على معسكر مروان ومافيه من الأموال والأمتعة والحواصل، ولم يجد فيه امرأة سوى جارية كانت لعبد الله بن مروان، وكتب إلى أبي العباس السفاح بما فتح الله عليه من النصر، وما حصل لهم من الأموال، فصلى السفاح ركعتين شكر لله عز وجل، وأطلق لكل من حضر الوقعة خمسمائة خمسمائة، ورفع في أرزاقهم إلى ثمانين، وجعل يتلو قوله تعالي “فلما فصل طالوت بالجنود” وسار عبد الله بن علي خلف مروان بعد الهزيمة بمن معه من الجنود، وذلك بأمر السفاح، فلما مر مروان بحران اجتازها وأخرج أبا محمد السفياني من سجنه.

 

واستخلف عليها أبان بن يزيد، وهو ابن أخته وزوج ابنته أم عثمان، فلما قدم عبد الله على حران خرج إليه أبان بن يزيد يلبس السواد شعار بنو العباس، فأمنه عبد الله بن علي وأقره على عمله، وهدم الدار التي سجن فيها إبراهيم الإمام، واجتاز مروان قنسرين إلى حمص، فلما جاءها خرج إليه أهلها بالأسواق، فأقام بها يومين ثم غادرها، فلما رأى أهل حمص قلة من معه اتبعوه ليقتلوه ونهبوا ما معه، وقالوا مرعوب مهزوم، فأدركوه في وادي عند حمص فوضع لهم مروان كمين عليه أميرين، فلما تلاحقوا بمروان عطف عليهم فنانشدهم أن يرجعوا فأبوا إلا مقاتلته، فثار القتال بينهم وثار الكمينان من ورائهم، فانهزم أهل حمص، وجاء مروان إلى دمشق وعلى نيابتها من جهته زوج ابنته.

 

وكان هو الوليد بن معاوية بن مروان فتركه بها وقصد إلى مصر، وجعل عبد الله بن علي، لا يمر ببلد إلا وقد سودوا له، فيبايعونه ويعطهيم الأمان، ولما وصل إلى قنسرين وصل إليه أخوه عبد الصمد بن علي في أربعة آلاف بعثهم السفاح مددا له، ثم سار عبد الله حتى أتى حمص، ثم سار منها إلى بعلبك، وبعلبك هى مدينة لبنانية تقع في قلب لبنان فى سهل البقاع الذي اشتهر بغناه ووفرة محاصيله الزراعية لامتداد أراضيه وغزارة مياه نهر الليطاني التي تروي أراضيه، وهي مركز محافظة بعلبك الهرمل، وقد اشتهرت عبر العصور لموقعها على الخطوط البرية، وقد شيد الرومان معابد ضخمة فيها، وآثاره الجاذبة للسياح تشهد على عراقتها، ويقام فيها حاليا مهرجانات عالمية تستقطب أشهر الفنانين العرب والأجانب.

 

وكان قد ثم سار عبد الله حتى أتى حمص، ثم سار منها إلى بعلبك، ثم منها إلى دمشق من ناحية المزة فنزل بها يومين، ثم وصل إليه أخوه صالح بن علي في ثمانية آلاف مددا من السفاح، فنزل صالح بمرج عذراء، ولما جاء عبد الله بن علي دمشق نزل على الباب الشرقي، ونزل صالح أخوه على باب الجابية، ونزل أبو عون على باب كيسان، ونزل بسام على الباب الصغير، وحميد بن قحطبة على باب توما، وعبد الصمد ويحيى بن صفوان والعباس بن يزيد على باب الفراديس، فحاصرها أياما ثم فتحها يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان من سنة مائه واثنين وثلاثين من الهجره، فقتل من أهلها خلقا كثيرا وأباحها ثلاث ساعات، وهدم سورها.

 

وباب توما هو أحد أبواب مدينة دمشق القديمة، في سوريا، وقد سمي باب توما بهذا الاسم نسبة للقديس توما أحد رسل المسيح الإثني عشر حيث كانت دمشق مقصد ومنطلق للرسل والقديسيين على مر التاريخ، ويقع باب توما في الجهة الشمالية الشرقية من مدينة دمشق القديمة، وقد بني أول مرة في عهد الرومان وأعيد بنائه في زمن الملك الناصر داوود، ويحتل باب توما الجهة الشمالية الشرقية من سور مدينة دمشق وهو في الأصل باب روماني نسب إلى أحد عظمائهم، وكانت بالقرب منه كنيسة حولت إلى مسجد بعد الفتح العربي لمدينة دمشق وترتفع على الباب مئذنة، كما توجد عنده باشورة وهو سوق صغيرة ذات حوانيت يمكن إغلاقها ليتمكن أهلها من البقاء فيها لدى حدوث الغارات.

 

أو إقامة الحصار على المدينة، أعيد بناء باب توما بشكل جيد زمن الملك الناصر داوود، وقد قال محمد بن سليمان بن عبد الله النوفلي كنت مع عبد الله بن علي أول ما دخل دمشق، وقد دخلها بالسيف، وأباح القتل فيها ثلاث ساعات، وجعل جامعها سبعين يوما إسطبلا لدوابه وجماله، ثم نبش قبور بني أمية فلم يجد في قبر معاوية إلا خيطا أسود مثل الهباء، ونبش قبر عبد الملك بن مروان فوجد جمجمته، وكان يجد في القبر العضو بعد العضو، إلا هشام بن عبد الملك وجده صحيحا لم يبلى منه غير أرنبة أنفه، فضربه بالسياط وهو ميت وصلبه أياما ثم أحرقه ودق رماده ثم ذره في الريح، وذلك أن هشام كان قد ضرب أخاه محمد بن علي، حين كان قد اتهم بقتل ولد له صغير، سبعمائة سوط.

 

ثم نفاه إلى الحميمة بالبلقاء، ومحافظة البلقاء، هى إحدى أقدم محافظات الأردن، في العصر العثماني، وقد امتدت البلقاء لتضم عمان، الزرقاء، مأدبا، والسلط، أما مدينة السلط فهي حاضرة البلقاء وعاصمتها التي أنجبت الكثير من الكتاب والساسة والعلماء عبر التاريخ منهم قاضي دمشق السلطي، وتبعد محافظة البلقاء عن العاصمة عمان بسبعه وأربعين كيلو متر، وكان محمد بن على هو أبو عبد الله محمد بن علي العباسي الهاشمي القرشي وهو صاحب الدعوة العباسية وأول من دعى أن يكون الملك في بني العباس، في عهده انتشرت الدعوة لتبلغ العراق وخراسان واتخذ من الحميمة مركزا له ومقاما لعيشه حيث قطنها هو وأبناءه إبراهيم وأبو العباس السفاح وأبو جعفر المنصور.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى