مقال

حول معجزة الإسراء والمعراج ” جزء 6″

حول معجزة الإسراء والمعراج ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس حول معجزة الإسراء والمعراج، قال ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فتكرر نفس الحديث، فلما خلصت إذا يحيي وعيسى عليهما السلام وهما أبناء خاله، قال هذا يحيي بن زكريا وعيسى بن مريم فسلم عليهما، فسلمت وردا السلام ثم قالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، قال ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح وتكرر نفس الحديث، فلما خلصت فإذا فيها رجل صورته كصورة القمر ليلة البدر، قال، قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أخوك يوسف بن يعقوب فسلم عليه، فسلمت فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، قال ثم صعد بي إلى السماء الرابعة، فإذا فيها رجل فسألته من هو ؟ قال هذا إدريس، قال ثم صعد بي إلى السماء الخامسة فاستفتح، وتكرر نفس الحديث، فلما خلصت إذا فيها رجل كهل أبيض الرأس واللحية.

 

عظيم العثنون أى اللحية، لم أر كهلا أجمل منه قال، قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا المحبب في قومه هارون بن عمران فسلم عليه، فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، قال ثم صعد بي إلى السماء السادسة فاستفتح، وتكرر نفس الحديث، فلما خلصت قال هذا أخوك موسى بن عمران فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل ما يبكيك ؟ قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخل من أمتي، قال ثم صعد بي إلى السماء السابعة، فاستفتح وتكرر نفس الحديث، إذا فيها رجل كهل جالس على كرسي على باب البيت المعمور فقلت يا جبريل ما هذا ؟ قال هذا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك وإذا خرجوا منه لا يعودون إليه.

 

قال قلت من هذا يا جبريل ؟ قال هذا أبوك إبراهيم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام، فقال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح، قال ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر، وورقها مثل آذان الفيلة، قال هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران، قلت ما هذا يا جبريل ؟ قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات، قال ثم انتهيت إلى ربي، وفرضت علىّ خمسون صلاة كل يوم، فرجعت فمررت على موسى بن عمران فقال بما أمرت ؟ قلت أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال إن الصلاة ثقيلة، وإن أمتك ضعيفة، فأرجع إلى ربك، فاسأله أن يخفف عنك وعن أمتك، فرجعت فوضع عني عشرا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، وتكرر ذلك إلى أن أمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى.

 

فقال بما أمرت ؟ قلت أمرت بخمس صلوات كل يوم، فقال لي مثل ذلك، فقلت قد راجعت ربي حتى استحيت منه، فما أنا بفاعل، فمن أداهن منكم إيمانا بهن واحتسابا لهن، كان له أجر خمسين صلاة مكتوبة” وقد جاء في بعض الطرق أن صدره صلى الله عليه وسلم شق في هذه المرة أيضا، وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة العظيمة والمعجزة الخالدة أمورا عديدة، فقد عرض عليه اللبن والخمر، فاختار اللبن، فقيل له هديت الفطرة أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك، ورأى أربعة أنهار يخرجن من أصل سدرة المنتهى، نهران ظاهران ونهران باطنان، فالظاهران هما النيل والفرات، والباطنان هما نهران في الجنة، ولعل رؤية النيل والفرات كانت إشارة إلى تمكن الإسلام من هذين القطرين.

 

ورأى مالك خازن النار، وهو لا يضحك، وليس على وجهه بشر ولا بشاشة، وكذلك رأي الجنة والنار، ورأى أكلة أموال اليتامى ظلما لهم مشافر كمشافر الإبل، يقذفون في أفواههم قطعا من نار كالأفهار، فتخرج من أدبارهم، ورأى أكلة الربا لهم بطون كبيرة لا يقدرون لأجلها أن يتحولوا عن أماكنهم، ويمر بهم آل فرعون حين يعرضون على النار فيطأونهم، ورأى الزناة بين أيديهم لحم سمين طيب، إلى جنبه لحم غث منتن، يأكلون من الغث المنتن، ويتركون الطيب السمين، ورأى النساء اللاتى يدخلن على الرجال من ليس من أولادهم، رآهن معلقات بثديهن، ورأى عيرا من أهل مكة في الإياب والذهاب، وقد دلهم على بعير ند لهم، وشرب ماءهم من إناء مغطى وهم نائمون، ثم ترك الإناء مغطى، وقد صار ذلك دليلا على صدق دعواه في صباح ليلة الإسراء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى