مقال

أصل الحياة الطيبة ” جزء 7″

أصل الحياة الطيبة ” جزء 7″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السابع مع أصل الحياة الطيبة، ألم يترك لي قلبا يعرفه ولسانا يذكره؟ ثم قال حمدت الله رب إذ هداني، إلى الإسلام والدين الحنيف، فيذكره لساني كل وقت، ويعرفه فؤادي باللطيف، نعم أنت إذا خلوت بربك وركعت له، وسجدت له، وطاوعك جسدك في الركوع والسجود، فأنت في أعظم نعمة، وإذا قمت قبل الفجر، وناجيت الله تعالى، وهو سبحانه قد نزل إلى السماء الدنيا نزولا يليق به سبحانه وتعالى، وهو يقول “من يدعوني فاستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟” فإنه من مثلك وقد تفتحت أبواب السماء لدعائك؟ ومن مثلك وربك يقول لك كما جاء فى سورة غافر ” ادعونى استجب لكم ” من مثلك إذا فعلت ذلك؟ من مثلك وأنت بهذا الإيمان الصادق؟ يستنير قبرك، فلا يكون مظلما عليك، ويستنير بهذا الإيمان طريقك إذا بعثت يوم القيامة.

 

فتمشي في النور، والناس في الظلمات، من مثلك وأنت تجد هذا الإيمان الصادق يظلك الله به يوم لا ظل إلا ظله وتحت عرشه؟ من مثلك وأنت تجد هذا الإيمان الصادق هو المركب الهني الذي تعبر به الصراط، وتدق به أبواب الجنة، وتجد نفسك بين الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا من مثلك؟ فهل تريد حياة أجمل من هذه الحياة؟ وهل تريد سعادة أنعم من هذه السعادة؟ فإن المشكلة أننا ما صدقنا الله في إيماننا، لعبت بنا الحياة الدنيا، فأخذتنا عن الله، ولعبت بنا الشياطين، فأبعدتنا عن دين الله، وعن طريق الله، وإن أحدنا يعتاد العادة السيئة، فلا يستطيع تركها، ويعمل العمل المحرم، فلا يستطيع أن يفارقه، إذا قلت له أن تأخيرك للصلاة ونومك عنها كبيرة من الكبائر، قال لا استطيع ترك النوم لأنه عندي أهم من الصلاة.

 

وإذا قلت له إن أولادك يفتقدون للخلق والأدب ويؤذون الناس، قال أولادي أحسن من أولاد غيري، وإذا قلت له إن ظلمك لزوجتك وهجرها والإساءة إليها من الكبائر، قال إنني حر أفعل ما أشاء، وإذا قلت له إن ظلمك لعمالك وموظفيك حرام، وإن غشك للمسلمين في البضائع وتسويق هذه البضائع بالحلف الكاذب كبيرة وجريمة من أكبر الجرائم، قال الناس يفعلون ذلك، ومنهم، إذا قلت له إن نسائك أو بناتك يتبرجن ويفتقدن للحياء والحجاب الشرعي، قال لا أستطيع أن أفرض عليهن أوامر الدين، وإذا قلت له حين تزوج ابنتك تطلب مهرا غاليا، وتنفق نفقات باهظة؟ وتكلف زوجها ما لا يقدر عليه؟ وهذا يتنافى مع الشرع، قال لك أنا مع التقاليد ولست مع الشرع، فأي صدق هذا مع الله؟ وأي استسلام هذا لأوامر الله ونواهيه؟ وهل هذه هي حياة المسلمين الصادقين.

 

أم أنها حياة الكاذبين، والبعيدين عن الحق والمذبذبين بين ذلك، كما جاء فى سورة النساء ” لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ” وإننا نقولها صريحة إذا تحكم فينا الهوى، وتمكن منا الشيطان، وتبعنا الضلال في المجتمع، فلا صدق حقيقي لنا مع الله تعالى، أما إذا تجردنا من ذلك كله، ورفعنا كلمة “لا إله إلا الله” بإخلاص، وقلنا بصدق “الله أكبر، الله أكبر” لن نخضع إلا له، ولن نستسلم إلا له، لن نخضع لبشر، ولن نخضع لعادات وتقاليد تخالف الشرع لن نخضع للهوى ولا للشيطان، ولا للنفس الإمارة بالسوء، إذا قلنا ذلك صادقين وعملنا بها، فساعتها نكون فعلا قد صدقنا مع الله عز وجل، وقد قال أبو سليمان الداراني “من كان الصدق وسيلته كان الرضا من الله جائزته” والصدق في الإيمان هو كمال الإخلاص لله، وكمال الانقياد لرسوله صلى الله عليه وسلم.

 

وأن يكون شعاره في الحياة، كما قال الله تعالى، كما جاء فى سورة الإسراء ” وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا ” وكذلك الصدق في العمل أن تحاسب نفسك بصدق وتسأل هل أنت من الصادقين الذين ذكرهم الله في كتابه؟ وإعلم أن الصادق مع الله لا تراه إلا في طاعة، فيقول إبراهيم الخواص”الصادق لا تراه إلا في فرض يؤديه أو فضل يعمل فيه” وإن الصدق في القول هو أن تبتعد عن جميع أنواع الكذب، ونعم الصادق في الدنيا هو الصادق في الآخرة، لذا كان من جملة دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام كما قال تعالى فى سورة الشعراء ” واجعل لى لسان صدق فى الآخرين ” والصدق في العهد، فإذا تبت أو عاهدت الله تعالى على شيء، وفيت بما عاهدت الله عليه لأن هذا فرض عليك، ومطلوب منك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى