مقال

أصل الحياة الطيبة ” جزء 8″

أصل الحياة الطيبة ” جزء 8″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثامن مع أصل الحياة الطيبة، ولهذا قال سبحانه في الصادقين الأولين كما جاء فى سورة الأحزاب ” ومن المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ” وإعلم إنك إذا صدقت في نيتك حتى والصدق في النية، فتجعل في نيتك دائما فعل الخير بأنواعه المختلفة، ورضا الله تعالى، وتتمنى إن آتاك الله خيرا فستستخدمه في طاعة الله، وإذا صدقت في نيتك، فإن الله سيثيبك على ذلك الجزاء العظيم، حتى لو لم تتمكن من أداء العمل، لذلك قال صلى الله عليه وسلم “من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه” رواه مسلم، والصدق في الوعد مع الله، ومع الناس مطلوب، ومدح الله نبيه إسماعيل عليه السلام بهذه الصفة، فقال تعالى كما جاء فى سورة مريم.

 

” واذكر فى الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا ” وإن الصدق في تطبيق الإسلام هو أن تطبق الإسلام في نفسك وبيتك وعملك ومجتمعك، وهذا لا يكون إلا بالتقوى، لذا قرن الله بين الصدق والتقوى، فقال تعالى كما جاء فى سورة التوبة ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ” ويكفي أن نعلم أنه في يوم القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذاب النار إلا صدقه فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ” وأما جزاؤهم، فكما قال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” لهم درجات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضى الله عنه ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم ” وكما جاء فى سورة يونس ” وبشر الذين آمنوا أن لهم قدم صدق عند ربهم ” وكما جاء فى سورة القمر ” إن المتقين فى جنات ونهر فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ”

 

وهذه حقائق يجب إدراكها، ويجب علينا أن نتعرف عليها، وأن نعيشها، وأن يدخل كل منا في نفسه، وأن يتهم كل منا نفسه، فما لم نتهم أنفسنا، فنحن على خطر عظيم، ولسنا بصادقين في إيماننا، لذا قال أحد السلف “لا يشم رائحة الصدق عبد داهن نفسه أو غيره” وإننا نعيش في عصر كل منا فيه يتهم غيره ويظن في نفسه أنه كامل لا عيوب فيه، سبحان الله، فكان المسلم يقابل المسلم، فيقول له يا أخي دلني على عيوبي غفر الله لك، أما مسلم اليوم، فإنه يمتلئ كبرا وتيها وإعجابا بنفسه، ولا يريد أن يسمع كلمة نصح أو وعظ، ويعتقد أنه لا ينبغي أن ينصح أو يوعظ، لأنه أفضل من كل الناس، فهل هذه تصرفات الصادقين حقيقة؟ لذلك نجد كثيرا من المسلمين اليوم منحرفون عن الحق، والغون في الضلال، خاضعون للشيطان، متبعون للهوى والشهوات، وأن زعموا بأنهم خلاف ذلك.

 

وإن حياة الرياء والنفاق والضلال والانحراف، وعدم الصدق مع الله، والتي يعيشها بعض المسلمين اليوم، لهي حياة لا تجلب لهم نصرا، ولا ترفع لهم رأسا، ولا تعطيهم من الله عزا، لأن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين الصادقين، وليست للكاذبين المنافقين، فهل يغيرون من أحوالهم ونتغير نحن معهم إلى الصدق مع الله قولا وعملا، فنحن نرجو ذلك، لأننا إن فعلنا فسنكسب في الدنيا والآخرة، وصدق الله سبحانه وتعالى الذى يقول فى سورة محمد ” طاعة وقول معروف فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ” فإن خلق الصدق دليل الإيمان ولباسه، ولبه وروحه، كما أن الكذب بريد الكفر ونبته وروحه، والسعادة دائرة مع الصدق والتصديق، والشقاوة دائرة مع الكذب والتكذيب، وإن الصدق هو من الأخلاق التي أجمعت الأمم على مر العصور والأزمان.

 

وفي كل مكان، وفي كل الأديان على الإشارة به وعلى اعتباره فضله، وهو خلق من أخلاق الإسلام الرفيعة، وصفة من صفات عباد الله المتقين، ولذلك فقد وصف الله نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، بأنه جاء بالصدق، وأن أبا بكر وغيره من المسلمين هم الصادقين، وكما أن التحلي بالصدق كان من أوليات دعوته صلى الله عليه وسلم، وكما جاء مصرحا بذلك في قصة أبي سفيان مع هرقل كما عند البخاري ومسلم، وفيها أن هرقل قال لأبي سفيان فماذا يأمركم؟ وهو يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو سفيان يقول ” اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة، والصدق، والعفاف، والصلة” وكما أن الصدق سمة من سمات الأنبياء والمرسلين، وجميع عباد الله الصالحين، ويكفي الصدق شرفا وفضلا أن مرتبة الصديقية تأتي في المرتبة الثانية بعد مرتبة النبوة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى