مقال

سعد بن أبي وقاص ” جزء 2″ 

سعد بن أبي وقاص ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص، ويقال فى معركة القادسيه أنه خرج سعد بن أبى وقاص في ثلاثين ألف مقاتل ولقاء الفرس المجتمعين في أكثر من مائة ألف من المقاتلين المدربين، المدججين بأنواع متطورة من عتاد وسلاح ويتولى قيادة الفرس رستم، وقبل المعركة كانت الرسائل بين سعد وأمير المؤمنين الخليفة الراشد الفاروق عمر بن الخطاب، وقد أرسل أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الى سعد فقال له ” يا سعد بن وهيب،لا يغرّنك من الله، أن قيل خال رسول الله وصاحبه، فان الله ليس بينه وبين أحد نسب إلا بطاعته، والناس شريفهم ووضيعهم في ذات الله سوء، والله ربهم وهم عباده، ويتفاضلون بالعافية ويدركون ما عند الله بالطاعة، فانظر الأمر الذي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بعث إلى أن فارقنا عليه، فألزمه، فانه الأمر”

 

ثم يقول له اكتب اليّ بجميع أحوالكم، وكيف تنزلون؟ وأين يكون عدوّكم منكم، واجعلني بكتبك إلي كأني أنظر إليكم” ويكتب سعد بن أبى وقاص، إلى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فيصف له كل شيء حتى انه ليكاد يحدد له موقف كل جندي ومكانه، وقد أوصى عمربن الخطاب، سعد بدعوتهم إلى الإسلام، وينفذ سعد وصية عمر، فيرسل إلى رستم قائد الفرس نفرا من صحابه يدعونه إلى الله والى الاسلام، وقد اعتزل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه، الفتنة التي تلت مقتل عثمان بن عفان وقيل عاش بالفلاة يرعى الغنم بعد ان هزم جنود الفرس، ولكنه شهد التحكيم في أذرح بين الإمام علي بن أبي طالب ومعاوية بن أبي سفيان ورفض ان يترشح للخلافة كحل توفيقي كما فعل معه ابن عمر، وقد أمر أهله وأولاده ألا ينقلوا إليه شيئا من أخبار الفتنة.

 

وقد ذهب إليه ابن أخيه هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ويقول له يا عم ها هنا مائة ألف سيف يروك أحق الناس بهذا الأمر، فيجيبه سعد أريد من مائة ألف سيف، سيفا واحدا، إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئا، وإذا ضربت به الكافر قطع” فيتركه وعزلته، وحين انتهى الأمر لمعاوية بن أبي سفيان واستقرت بيده مقاليد الحكم سأل سعدا ؟ مالك لم تقاتل معنا؟ فأجابه اني مررت بريح مظلمة، فقلت أخ .. أخ، واتخذت من راحلتي حتى انجلت عني” فقال معاوية ليس في كتاب الله أخ.. أخ، ولكن قال الله تعالى “وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا، فأصلحوا بينهما، فان بغت إحداهما على الأخرى، فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله” وأنت لم تكن مع الباغية على العادلة ولا مع العادلة على الباغية ؟ فأجابه سعد قائلا.

 

” ما كنت لأقاتل رجلا قال له رسول الله صلي الله عليه وسلم ” أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي” ومن كلامه الحسن أنه قال لابنه مصعب يا بنى، إذا طلبت شيئا فاطلبه بالقناعة فإنه من لا قناعه له لم يغنه المال، وقد كانت لسعد مواقف عظيمة، تدل على شجاعته ونصرته لهذا الدين، فمن ذلك ما روته السيده عائشة رضي الله عنها قالت “سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمة المدينة، فقال ” ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة ” قالت فبينما نحن كذلك، سمعنا خشخشة سلاح، فقال ” مَن هذا؟ ” قال سعد بن أبي وقاص، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما جاء بك؟ ” قال وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه ” فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام”

 

فقالت السيدة عائشة فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه” وعن عبد الله بن شداد رضي الله عنه قال سمعت عليّا يقول “ما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه لأحد غير سعد بن مالك، فإنه جعل يقول له يوم أحد ” ارمي فداك أبي وأمي” وهذا الحديث يدل على كفاءته العظيمة، ومنزلته عند النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وقد عاش سعد بن أبي وقاص كثيرا، وأفاء الله عليه من المال الخير الكثير لكنه حين أدركته الوفاة دعا بجبة من صوف بالية وقال كفنوني بها فإني لقيت بها المشركين يوم بدر وإني أريد أن ألقى بها الله عز وجل أيضا وكان رأسه بحجر ابنه الباكي فقال له ما يبكيك يا بني ؟ إن الله لا يعذبني أبدا، وإني من أهل الجنة فقد كان إيمانه بصدق بشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم كبيرا وكانت وفاته سنة خمس وخمسين من الهجرة النبوية وكان آخر المهاجرين وفاة، ودفن في مقابر البقيع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى