مقال

صلاة التسابيح في الفقه الإسلامي.

صلاة التسابيح في الفقه الإسلامي.

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

صلاة التسابيح، هى صلاة نافلة مخصوصة، وقد اشتملت على ثلاثمائة تسبيحة، وإن لصلاة التسابيح فضلا عظيما، وأجرا كبيرا، كما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال صلى الله عليه وسلم، لعمه العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه ” إن استطعت أن تصليها فى كل يوم مرة فافعل وإن لم تستطع ففى كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففى كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففى كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففى عمرك مرة ” وقد ورد أنها مكفرة للذنوب، ومفرجة للكروب، وميسرة للعسير، ويقضى الله بها الحاجات إن شاء الله، ويؤمن الروعات ويستر العورات إن شاء الله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أحب الكلام إلى الله أربع، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لا يضرك بأيهن بدأت” رواه مسلم.

 

وعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “خذوا جنتكم ” قالوا يا رسول الله عدو حضر؟ قال ” لا، ولكن جنتكم من النار، قولوا سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مجنبات ومعقبات، وهن الباقيات الصالحات ” رواه النسائي، ومعنى مجنبات، أى يكون ثوابهن إلى جنب صاحبها، ومعقبات، أى يعود ثوابهن إليه، والباقيات الصالحات، هى كل ما بقي ثوابه لصاحبه فهو من الباقيات الصالحات، وعن أبي هريرة رضى الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ به وهو يغرس غرسا فقال ” يا أبا هريرة ما الذي تغرس “؟ قلت غراسا، قال ” ألا أدلك على غراس خير من هذا؟ سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، تغرس لك بكل واحدة شجرة في الجنة ” رواه ابن ماجة.

 

ومن غرس له في الجنة غرس لابد أن يمتع به، وعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس بن عبد المطلب ” يا عباس، يا عماه، ألا أعطيك؟ ألا أمنحُك؟ ألا أحبُوك؟ ألا أفعل بك؟ عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك، أوله وآخره، قديمه وحديثه، خطأه وعمده، صغيره وكبيره، سرّه وعلانيته، عشر خصال، أن تصلي أربع ركعات، تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة، فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة مرة، ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا، ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا، ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا، ثم تسجد فتقولها عشرا، ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا.

 

فذلك خمس وسبعون في كل ركعة، تفعل ذلك في أربع ركعات، إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة ” رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة، ولكن كيف تكون هذه الصلاة، وهى أن تصلى أربع ركعات، أى بتسليمة واحدة، وفى كل ركعة تقرأ بفاتحة الكتاب وسورة، ثم أى سورة تختارها، وبعد القراءة مباشرة وقبل الركوع تقول وأنت قائم هذه التسبيحات، سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر، خمسة عشرة مرة ثم تركع وبعد التسبيح المعتاد فى الركوع تقول التسبيحات المذكورة عشرة مرات ثم ترفع رأسك من الركوع قائلا سمع الله لمن حمده، ثم تقول التسبيحات المذكورة عشرة مرات، ثم تهوى ساجدا.

 

وبعد التسبيح المعتاد فى السجود تقول التسبيحات المذكورة عشرة مرات، ثم ترفع رأسك من السجود بين السجدتين بعد الدعاء المعتاد فتقول التسبيحات المذكورة عشرة مرات، ثم تسجد وبعد التسبيحات المعتادة فى السجود تقول التسبيحات المذكورة عشرة مرات، ثم ترفع رأسك من السجود وأنت جالس القرفصاء فى الاستراحة الخفيفة المأثورة بين السجود والقيام فتقول التسبيحات المذكورة عشرة مرات فيكون بذلك العدد خمسه وسبعين مرة فى كل ركعة، وتفعل ذلك أربعة مرات أى فى الركعات الأربعة فيكون بذلك العدد ثلاثة مائه تسبيحة، وقد زاد الطبرانى فى حديث أنه إذا فرغت فقل بعد التشهد وقبل السلام، وأما عن دعاؤها، فهو يستحب أن تقول.

 

” اللهم إنى أسألك توفيق أهل الهدى، وأعمال أهل اليقين، ومناصحة أهل التوبة، وعزم أهل الصبر، وجد أهل الخشية، وطلب أهل الرغبة، وتعبد أهل الورع، وعرفان أهل العلم حتى أخافك، اللهم إنى أسألك مخافة تحجزنى عن معاصيك، حتى أعمل بطاعتك عملا استحق به رضاك وحتى أناصحك بالتوبة خوفا منك، وحتى أخلص لك فى النصيحة حبا لك، وحتى أتوكل عليك فى الأمور كلها، حسن ظنى بك، سبحان خالق النور ” ثم يزيد بعد ذلك ما شاء من دعاء بما أهمه، أما عن القراءة فى الركعات فى الصلاه، فيستحسن أن يقرأ فى هذه الركعات الأربع بعد الفاتحة بسورة مما جاء أنها تعدل نصف أو ثلث ربع القرآن ليحصل أكبر قدر من الثواب، فمثلا يقرأ فى الأولى، سورة الزلزلة، والثانية، سورة الكافرون، والثالثة، سورة النصر.

 

والرابعة، سورة الإخلاص، وأما عن صلاتها جماعة، أو فردا، فتجوز هذه الصلاة انفرادا وتجوز فى جماعة، وأما عن حكم صلاة التسابيح، فقد ذهب الجمهور إلى أن صلاة التسبيح مستحبة، وفي أحد قولين عند الحنابلة بعدم استحبابها، لأن الأمام أحمد بن حنبل، لما سئل عنها قال لم يثبت عنده شيء فيها، وعلى هذا فلا بأس في فعلها، لأنه لا يشترط في فعلها ثبوت الحديث، وقال ابن عابدين قوله وأربع وهى صلاة التسبيح، يفعلها في كل وقت لا كراهة فيه، أو في كل يوم أو ليلة مرة، وإلا ففي كل أسبوع أو جمعة أو شهر أو العمر، وحديثها حسن لكثرة طرقه، ووهم من زعم وضعه، وفيها ثواب لا يتناهى ومن ثم قال بعض المحققين لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون بالدين، والطعن في ندبها بأن فيها تغييرا لنظم الصلاة إنما يأتي على ضعف حديثها

 

فإذا ارتقى إلى درجة الحسن أثبتها وإن كان فيها ذلك، وقال الصاوي في حاشيته أن وصفة صلاة التسابيح التي علمها النبي لعمه العباس، وجعلها الصالحون من أوراد طريقهم، وورد في فضلها أن من فعلها ولو مرة في عمره يدخل الجنة بغير حساب، وهو أن يصلي أربع ركعات في وقت حل النافلة ليلا أو نهارا، والأفضل أن تكون آخر الليل، وخصوصا ليلة الجمعة خصوصا في رمضان، ذلك، وقال النووي في تهذيب الأسماء واللغات وأما صلاة التسبيح المعروفة فسميت بذلك لكثرة التسبيح فيها بخلاف العادة في غيرها، وقد جاء فيها حديث حسن في كتاب الترمذي وغيره، وذكرها المحاملي وصاحب التتمة وغيرهما من أصحابنا وهي سنة حسنة هذا لفظه، وقال ابن الصلاح إنها سنة وإن حديثها حسن وله طرق يعضد بعضها بعضا.

 

 

فيعمل به سيما في العبادات، وذهب الحنابلة إلى عدم سنيتها وجواز فعلها لجواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، وذهب بعضهم إلى القول باستحبابها قال البهوتي في كشاف القناع يفعلها أي صلاة التسبيح على القول باستحبابها كل يوم مرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى