مقال

الدكرورى يتكلم عن القائد الفاتح طارق بن زياد ” جزء 1″

الدكرورى يتكلم عن القائد الفاتح طارق بن زياد ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

هو قائد عسكري أموي فتح الأندلس، وقاد أول الجيوش الإسلامية في شبه جزيرة أيبيريا، وانتصر في معركة وادي لكة، وهو من أشهر القادة العسكريين المسلمين في التاريخ، وقد سُمّي جبل طارق الواقع في جنوب إسبانيا نسبة إليه، إنه القائد الفاتح طارق بن زياد الذي ولد في منطقة خشنلة الجزائرية، وذلك في عام ستمائة وسبعون من الميلاد الموافق العام الخمسون من الهجرة، وهو إبن لقبيلة نفزة البربرية، وبالتالي فإن أصول طارق بن زياد غير عربية، وعائلته ذات أصول بربرية سكنت في بلاد المغرب العربي، ونشأ طارق بن زياد نشأة إسلامية، وتعلم القراءة، والكتابة، وحفظ عددا من سور القرآن الكريم، كما وحفظ عددا من الأحاديث النبوية الشريفة، ورد ذكر عدد من الصفات الشخصية لطارق بن زياد، وقد غلبت عليه الصفات البربرية.

 

ومنها أنه طويل القامة وضخم الهامة وأشقر اللون، وتولى طارق بن زياد حكم طنجة في سنة تسع وثمانون من الهجرة، ثم فتح الأندلس سنة اثنين وتسعون من الهجرة، وكان لا يُعرف شيء عن أعمال طارق بن زياد في أول نشأته،أثناء ولاية زهير بن قيس على إفريقيا، فلما تم قتل زهير في طبرق، عام ست وسبعون من الهجرة، عُين طارق أميرا على برقة غير أنه لم يلبث طويلا في هذا المنصب، إذ أنه سرعان ما اختير قائدا لجيش موسى بن نصير، فأبلى بلاء حسنا في حروبه وظهرت لموسى قدرته في اقتحام المعارك، ومهارته في قيادة الجيش، فولاه على مقدمة جيوشه بالمغرب، وهكذا أتيح لطارق بن زياد أن يتولى قيادة جيوش موسى، ويشترك معه بقية بلاد المغرب، والسيطرة على حصون المغرب الأقصى حتى المحيط الأطلسي.

 

ومازال يقاتل ويفتح مدائنهم حتى بلغ مدينة الحسيمة وهى قصبة بلادهم وأم مدائنهم فحاصرها حتى دخلها وأسلم أهلها، ولم يمضي على ولاية موسى بن نصير للمغرب عدة أعوام، حتى خضع له المغرب بأسره، ولم تستعصي عليه سوى مدينة سبتة، لمناعتها وشدة تحصنها، وكان يتولى إمارتها حاكم من قبل الدولة البيزنطية، يعرف بالكونت جوليان، ويسميه مؤرخوا العرب يليان المسيحي، وكان يليان هذا برغم تبعيته للدولة البيزنطية، يتوجه في طلب المعونة إلى مملكة القوط بإسبانيا، فتمده الحكومة القوطية بالمؤن والأقوات عن طريق البحر، وقاتله موسى وطارق فألفياه في نجدة وقوة وعدة، فلم يمكنهما التغلب عليه، فرجعا إلى مدينة طنجة، ومن هناك أخذا يغيران على ما حول سبتة، ويضيقان عليها الخناق دون جدوي.

 

إذ كانت سفن القوط تختلف إلى سبتة بالميرة والإمداد، فلما يئس موسى بن نصير من دخول سبتة، أقام قائده طارق بن زياد واليا على مدينة طنجة حتى تتاح له فرصة مراقبة مدينة سبتة من كثب، وترك تحت تصرف طارق تسعة عشر ألفا من البربر بأسلحتهم وعددهم الكاملة، مع نفر قليل من العرب ليعلموهم القرآن وفرائض الإسلام، أما موسى، فقد عاد إلى القيروان، وآثر طارق أن يكسب صداقة عدوه يليان مادام قد عجز عن دخول مدينته الحصينة، ويُذكر أن طارق بن زياد كان يراسل يليان ويلاطفه حتى تهادنا ثم حدث في الجانب الآخر القوطي وهو الأندلس أمر لم يكن في الحسبان ذلك أن رودريجو وهو لذريق وهو أحد قواد الجيش القوطي وثب على العرش، وخلع الملك غيطشة، وتولى مكانه، ثم إن لذريق اعتدى على ابنة يليان التي كانت في بلاط الملك غيطشة.

 

الأمر الذي أثار غضب يليان، وجعله يأتي بنفسه إلى طارق بن زياد ويعرض عليه مساعدته في الاستيلاء على الأندلس، ولم يتردد طارق في الاتصال فورا بمولاه موسى بن نصير بالقيروان، الذي اتصل بدوره بالخليفة الوليد بن عبد الملك يطلب استشارته وإذنه، ونصحه الخليفة الوليد بألا يعتمد على يليان بل يرسل من المسلمين من يستكشف الأمر، فأرسلت سرية طريف التي عادت بالبشائر والغنائم، واستجابة لأمر الخليفة بدأ موسى بن نصير في تجهيز حملة صغيرة لعبور البحر إلى إسبانيا، وكان قوامها خمسمائة جندي يقودهم قائد من البربر يدعى “طريف بن مالك” لاستكشاف الأمر واستجلاء أرض الأسبان، وقدم يوليان لهذه الحملة أربع سفن أقلتهم إلى إسبانيا، فعبرت البحر ونزلت هناك في منطقة سميت بجزيرة طريف، نسبة إلى قائد الحملة.

 

وكان ذلك في شهر رمضان عام واحد وتسعين من الهجرة، وجاست الحملة خلال الجزيرة الخضراء، وغنمت كثيرا ودرست أحوال إسبانيا، ثم قفلت راجعة إلى المغرب، وقدم قائدها إلى موسى بن نصير نتائج حملته، فأنس موسى إلى يليان، وازداد إقداما على التوسعات، ثم استدعى مولاه طارق، وأمّره على سبعة آلاف من البربر وثلاثمائة من العرب وأبحرت الحملة من طنجة في الخامس من شهر رجب عام اثنين وتسعين من الهجرة، في أربع سفن، وظلت هذه السفن تنقل جنود طارق إلى جبل كالبي الذي عُرف بعد ذلك بجبل طارق حتى كمل نقلهم وتوافوا جميعهم لديه، وقد وقع على لذريق خبر اقتحام المسلمين ساحل الأندلس الجنوبي، ودخولهم الجزيرة الخضراء، وقوع الصاعقة، فانزعج وكر راجعا إلى جنوبي أسبانيا، وزحف إلى قرطبة في جيش جرّار بلغت عدته نحو مائة ألف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى