مقال

المسيح الدجال ” جزء 1″

المسيح الدجال ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

إن كثرة الفتن التي تسبق قيام الساعة في آخر الزمان هى لتمحيص المؤمنين ومحق الكافرين، فإن الجنة غالية نفيسة، وقد حفت بالمكارة، والنار حفت بالشهوات، ولن يدخل الجنة أحد إلا بعد التمحيص والبلاء ، ليتبين المحق من الكافر، إلا من رحمه الله سبحانه وتعالى، ومع مرور السنين، وتعاقب الأيام والأعوام، تكثر على المسلمين الفتن، وتعظم المحن، فيرقق بعضها بعضا، ولا تقوم الساعة حتى يتعاقب على المسلمين فتن ممحصة، وابتلاءات ماحقة، يمحق الله عز وجل بها الكافرين، ويثبت بها المؤمنين، وإن بين يدي الساعة سنوات شداد يخوّن فيها الأمين، ويؤتمن الخائن، ويصدق فيها الكاذب، ويكذّب فيها الصادق، ويصبح المعروف منكرا، والمنكر معروفا، تتقلب الموازين، وتختل الفطر ويكثر الشر، وهناك فتنة عظمى، وبلية كبرى، ستمر على الناس طال الزمان أو قصر.

 

ما بين خلق آدم عليه السلام إلى قيام الساعة من فتنة إلا وهي تضع لها، لشدتها وهولها، تلكم هي فتنه المسيح الدجال، وما أدراكم ما المسيح الدجال؟ هو منبع الكفر والضلال، وينبوع الفتن والأوجال، وقد أنذرت به الأنبياء أممها، وحذرت منه أقوامها، ونعتته بالنعوت الظاهرة، ووصفته بالأوصاف الباهرة، وحذر منه النبى الكريم صلى الله عليه وسلم وأنذر، بل إنه ما كان يخاف على أمته أمرا أعظم من الدجال، وذلك لعظم فتنه، وكبر بلية المسلمين به، وفتنة الدجال أعظم الفتن منذ خلق الله تعالي آدم عليه السلام إلى قيام الساعة، وذلك بسبب ما يخلق الله عز وجل معه، ويجريه على يديه من الخوارق العظيمة التي تبهر العقول، وتحير الألباب، ليبتلي الله سبحانه وتعالى عباده، فيميز المؤمن من الكافر، بعدله ورحمته وقال النبى صلى الله عليه وسلم.

 

“ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال” رواه مسلم، ولقد ذكر العلماء ما يزيد عن خمسين قولا في معنى المسيح، وقالوا أن هذا اللفظ يطلق على الصديق وعلى الضليل الكذاب، فالمسيح عيسى ابن مريم الصديق وهو مسيح الهدى، يبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن الله، والمسيح الدجال هو الضليل الكذاب، مسيح الضلالة يفتن الناس بما يعطاه من الآيات كإنزال المطر وإحياء الأرض بالنبات وغيرهما من الخوارق، وقال العلماء في سبب تسمية الدجال بالمسيح هو أن إحدى عينيه ممسوحة، وقيل لأنه يمسح الأرض في أربعين يوما، والقول الأول هو الراجح، فعن أنس بن مالك قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” الدجال ممسوح العين مكتوب بين عينية كافر” رواه مسلم، وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وأما مسيح الضلالة فإنه أعور العين، أجلى الجبهة، عريض النحر، فيه دفأ ، أي انحناء، كأنه قطن بن عبد العزى” قال يا رسول الله، هل يضرني شبهه؟ قال “لا، أنت امرؤ مسلم، وهو امرؤ كافر” رواه أحمد، والدّجل هو الخلط والتلبيس ويقال دجل إذا لبّس وموّه، والدجال المموه الكذاب، الذي يُكثر من الكذب والتلبيس، ولفظة الدجال أصبحت علما على المسيح الأعور الكذاب، وسمي الدجال دجالا لأنه يغطي على الناس كفره بكذبه وتمويهه وتلبيسه عليهم، والدجال يخرج من جهة المشرق من خرسان، من يهودية أصبهان، ثم يسير في الأرض فلا يترك بلدا إلا دخله، إلا مكة والمدينة فلا يستطيع دخولهما لأن الملائكة تحرسهما وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

قال “الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خرسان، يتبعه أقوام كأن وجوهم المجان المطرقة ” رواه الترمذي، والدجال رجل من بني آدم، له صفات كثيرة جاءت بها الأحاديث لتعريف الناس به، وتحذيرهم من شره حتى إذا خرج عرفه المؤمنون فلا يفتنون به، بل يكونون على علم بصفاته التي أخبر بها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم وهذه الصفات تميزه عن غيره من الناس، فلا يغتر به إلا الجاهل الذي سبقت عليه الشقوة، ومن هذه الصفات، أنه رجل شاب أحمر، قصير، أفحج جعد الرأس، أجلى الجبهة، عريض النحر، ممسوح العين اليمنى، وهذه العين ليست بناتئة أى منتفخة وبارزة ولا جحراء، أى غائرة، كأنها عنبة طافئة، وعينه اليسرى عليها ظفرة أى لحمة تنبت عند المآقي، غليظة ومكتوب بين عينيه ” ك ف ر ” بالحروف المقطعة، أو ” كافر ” بدون تقطيع، يقرؤها كل مسلم، كاتب وغير كاتب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى