مقال

الدكرورى يكتب عن آخر ملوك يهوذا صدقيا بن يوشيا “جزء 2”

الدكرورى يكتب عن آخر ملوك يهوذا صدقيا بن يوشيا “جزء 2”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع آخر ملوك يهوذا صدقيا بن يوشيا، وفي الفكر اليهودي يعتبر بيت داود هو السلالة التي اختارها الله لتكون فيها مُلك بني إسرائيل، إذ أن المُلك في اليهودية لا يكون إلا باختيار من الله كما جاء النص في التواراة “فإنكم تقيمون عليكم ملكا يختاره الرب إلهكم” وقد جاء النص على اختيار الله لسلالة داود ملوكا كما في المزامير “قد قلت، إنى أقمت عهذا مع الملك الذى أخترته، أقسمت لداود عبدى، أثبت نسلك إلى الأبد، وأبقى عرشك قائما من جيل إلى جيل” ويقول ايضا “حلف الرب لداود يمينا ولا يرتد عنها، أن سأجلس من بينك على عرش، إن حافظ بنزك على عهدى وفرائضى التى اعلمهم إياها، فبنوهم أيضا يجلسون على عرشك إلى الأبد” وهي الصلة بين الله والناس في الفكر اليهودي، وقد سبق ذلك نبؤة يعقوب عن مستقبل بنيه.

 

بأن يجعل الله المُلك في سبط يهوذا ويقول “لن يفارق صولجان الملك يهوذا، ولا عصا الحاكم من بين قدميه” وقد كان داود من سبط يهوذا، وقد سجل في موضعين من الإنجيل، في متى ولوقا، وبينما يعيد إنجيل متى النسبة إلى نبى الله إبراهيم، ويعيدها إنجيل لوقا إلى آدم عليه السلام للدلالة على صلة المسيح بالبشرية جمعاء، أما إنجيل متى فلدلالة على كون يسوع هو المسيح المنتظر وتعتبر سلسلة الأنساب هامة للغاية، إذ كان وحسب نبؤات العهد القديم فإن المسيح يجب أن يكون من سبط يهوذا، ومن ثم من ذرية داود وهو ما حققه المسيح، وبالتالي أيضا فإن سلالة نسب المسيح هي سلالة ملكية تندرج من سلسلة ملوك، مملكة إسرائيل الموحدة، ونبويّة، إذ إنها تنحدر من أنبياء الله إبراهيم واسحق ويعقوب ومن ثم داود عليهم جميعا الصلاة والسلام.

 

وقد أعاد التاريخ نفسه على صورة مذهلة عجيبة، فما حدث على يد الملك نبوخذ نصر حدث بنفس الصورة عام على يد تيطس الرومانى، ولم تعرف مدن كثيرة فى العالم تلك العذابات التى عرفتها المدينة التى كانت يوما مدينة الملك العظيم، فالحصار، والجوع الذي حدا بالنساء أن يأكلن أولادهن، والخراب والتدمير، تكاد تكون نسخة متكررة فى الحالين، بل لقد لاحظ بعضهم أنه فى نفس الشهر، ونفس اليوم من الشهر الذى أحرق فيه جنود نبوخذ نصر الهيكل، فعل جنود تيطس الشئ نفسه بعد ستمائة وسبعة وخمسين عاما، وإذا كان المسيح قد نظر إلى المدينة وبكى عليها عندما رأى مصيرها بعين النبوة، فإن إرميا فعل الشئ نفسه وهو يراها تذهب إلى ضياعها الرهيب، ولم تسقط أورشليم وتبقى مدوسة حتى اليوم إلا بسبب الخطية ورفضها السيد الذى بكاها.

 

وهو يقول مع ذلك لها، هو ذا بيتكم يترك لكم خرابا، ويقسم التاريخ العبري إلى ثلاث فترات كل منها أربعة عشر جيلا وفي ذلك تورية لمجموع أرقام حروف كلمة داود، ومن المرجح، في كلا سلسلتي الأنساب، وجود عدد أكبر من المذكورين، فرغم أن اليهود قد أبدوا اهتماما خاصا في تدوين سلاسل النسب إلا أنه من العادة أن تضغط هذه السلاسل التاريخية بمعنى أنها لا تدرج كل جيل من الأجداد محدودا باسمه، خصوصا في حال لم يأت بمآثر في حياته، أي أن كلمة ولد، أو أنجب، يمكن أن تعني أن من أنجبه كان أحد أحفاده وليس بالضرورة ابنه مباشرة، وهذا ما يتضح بشكل حاسم من العددين الحادى عشر، والثانى عشر، وقد ارتبطت في التقاليد المسيحية بعض الكنائس المسيحية الشرقية في السياسية، فمثلا حصلت كل من سلالة السليمانيون في إثيوبيا.

 

وأسرة بجرتيوني في جورجيا على الشرعية من كنيسة التوحيد الأرثوذكسية الإثيوبية والكنيسة الجورجية الرسولية الأرثوذكسية، باعتبارهم من سلالة الملك داود وسليمان عليهم السلام، فأرتبطت الكنيسة والدولة ارتباطا وثيقا في كل من إثيوبيا وجورجيا، وتشير قصة يعقوب وسليمان عليهم السلام، في القرن العاشر قبل الميلاد إلى أصول مملكة يهوذا، ولا يوجد أي أدلة أثرية تؤكد وجود مملكة يهوذا القوية والواسعة قبل أواخر القرن الثامن قبل الميلاد، ويعتبر لوح نمرود المؤرخ هو أقدم سجل معروف يظهر فيه اسم مملكة يهوذا وهو مكتوب بالكتابة المسمارية الأشورية، ولم تكن المملكة حينها أكثر من كيان قَبلى صغير يقتصر على مدينة القدس ومحيطها القريب، وكان الملك صدقيا بن يوشيا، واسم أمه حميطل بنت إرميا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى