مقال

الدكرورى يكتب عن معركة أجنادين “جزء 4”

الدكرورى يكتب عن معركة أجنادين “جزء 4”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الرابع مع معركة أجنادين، وتلقفت أسماع الشعوب المقهورة والمحجوزة خلف أسوار الظلم هذا الصوت مرة أخرى، وهو ينذر الظالمين، فإن أبيتم فخلوا بيننا وبينهم نبلغهم دعوة الله، فكانت معركة أجنادين هي من المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي، حيث وقعت بين المسلمين والبيزنطيين وكان الصحابي عمرو بن العاص هو أول قائد حمل لواءها في خلافة أبي بكر الصديق رضي الله عنه الذي أوصاه بفتح بلاد الشام، وكانت منطقة تيماء شمالي الحجاز هي مركز المعسكر آنذاك وكانت أهم وصية لأبي بكر هي عدم الشروع في القتال إلا إذا هوجم فقط، وتعتبر معركة أجنادين من المعارك المهمة في تاريخ معارك الفتوح الإسلامية، فمعركة أجنادين هي أولى المعارك العظيمة التي انتصر فيها المسلمون بعون الله تعالي.

 

وكانت هذه المعركة ذات بعد كبير وتأثير عميق للمعارك التي حدثت بعدها، وقيمتها بين معارك فتوح بلاد الشام تساوي قيمة غزوة بدر الكبرى بين الغزوات التي قادها النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت أول الفتوح التي هزت بلاد الروم، وملأت الرعب في قلوب الجنود، كما كانت أول واقعة تمنح المسلمين الخبرة العملية في مقاتلة جنود الروم، وقد وقعت معركة أجنادين، فى قرية عجّور في منطقة شمال غرب الخليل، ويمرّ بجانب القرية وادي يُسمّى وادي السنط، والسنط نوع من أنواع الشجر، ويبعد الموقع عن بلدة بيت جبرين بما يقارب عشرة أميال باتجاه الشمال ومن منطقة الشرق من قرية عجّور، وقد اختار جند الروم موقعا للمعركة يكون قريبا من “بيت جبرين” التي تعتبر عاصمة لأهم مقاطعة تابعة لهم في فلسطين، وكانت تضم غزة، ومنطقة بئر السبع.

 

ومدينة الخليل، ومدينة القدس ومدينة الرملة، وبدأ الروم بتجميع جنودهم في هذه المنطقة، وضموا إليهم من يؤازرهم في المعركة، وانتظروا الفرصة الأنسب لمهاجمة جند المسلمين في فلسطين بقيادة الصحابي عمرو بن العاص، ومن ثم يغيروا على جند الصحابي يزيد بن أبي سفيان في منطقة البلقاء وكان من أسباب اختيار ذلك الموقع أيضا بأنه يشكل التقاء عدة طرق مختلفة كي ينتظروا أن يصلهم المدد والمتناصرون لهم، وكانت جنود المسلمين في ذلك الوقت موزعة، حيث وزع الخليفة أبو بكر رضي الله عنه كل فرقة من الجيوش على منطقة معينة من أرض بلاد الشام، وكانت منطقة فلسطين تابعة لجيش الصحابي عمرو بن العاص رضي الله عنه، وكان الأمير العام للجيوش الصحابي هو أبو عبيدة عامر بن الجراح.

 

ويعتبر هذا التوزيع للجيوش تكتيكا عسكريا مهما حيث إنه يربك العدو ويرهبه، وهذا ما كان، فقد قتل من الروم ما يقارب الثلاثة آلاف جندي وفرّت باقي جيوشهم وانهزموا على أيدي المسلمين، وكان عندما علم الخليفه أبو بكر الصديق بالأوضاع فى أجنادين عزم الصديق على بث روح جديدة تعودت الفوز والظفر، ومشى النصر في ركابها كأنه قدرها المحتوم، ولم يكن غير خالد بن الوليد، من يمكنه تغيير الأوضاع، وإثارة الهمم، ووضع الخطط التي تأتي بالنصر، وكان الصديق أكثر الناس ثقة في كفاءة خالد وقدرته العسكرية، فأطلق كلمته السائرة التي رددتها كتب التاريخ “والله لأنسين الروم وساوس الشيطان بخالد بن الوليد” وبعث الصديق إلى خالد بن الوليد بأن يقدم إلى الشام ومعه نصف قواته التي كانت معه في العراق، حتى يلتقي بأبي عبيدة بن الجراح ومن معه.

 

ويتسلم القيادة العامة للجيوش كلها، وفي الوقت نفسه كتب الصديق إلى أبي عبيدة يخبره بما أقدم عليه، وجاء في كتابه ” فإني قد وليت خالدا قتال الروم بالشام، فلا تخالفه، واسمع له وأطع أمره، فإني قد وليته عليك، وأنا أعلم أنك خير منه، ولكن ظننت أن له فطنة في الحرب ليست لك، أراد الله بنا وبك سبل الرشاد والسلام عليك ورحمة الله” وهناك الموقف العظيم ما بين الارطبون وبين القائد عمرو بن العاص فكان الأرطبون أدهى الروم وأبعدها غورا، فوضع في الرملة جندا كثيفا، ووضع في القدس جندا أيضا، كما وضع جندا في بيسان، ولما بلغ عمر بن الخطاب عن دهاء الأرطبون قال ” قد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب، فانظروا عم تنفرج ” وعمل عمرو على مشاغلة الجنود خارج أجنادين بعدد من قادته، وتفرغ للأرطبون يخطط لدحره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى