مقال

الدكروري يكتب عن الملك الأسد سرجون الأكدي “جزء 5”

الدكروري يكتب عن الملك الأسد سرجون الأكدي “جزء 5”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع الملك الأسد سرجون الأكدي، وتجمعت حوله الأساطير فهيأت عقول الأجيال التالية لأن تجعل منه إلها، وانتهى حكمه ونار الثورة مشتعلة في جميع أنحاء دولته، ولد سرجون سنة ألفان وثلاثة مائة قبل الميلاد وسرجون الاكدي هو ملك من اصول سامية وقصة ولادته حسب النصوص السومرية القديمة كانت امه كاهنة عليا من طبقة انتيم وهى البتول أو العذراء، في مدينة آزوفيرانو، وحملت به ووضعته سرا واخفته في سلة مقيرة من الحلفاء وغطته ورمته في الماء، فلم يغرقه النهر بل حمله إلى آكي سقاء الماء وهو ساقي ملك كيش اور زبابا، فأنتشله آكي بدلوه، ورباه واتخذه ولدا وعينه بستانيا عنده، وبينما كان يعمل بستانيا احبته الالهة عشتار فتولى الملوكية، وقصة ولادة سرجون تشبة إلى حد كبير قصة ولادة النبي موسى عليه السلام مع فارق التشبية ولله المثل الأعلى وشتان بينى نبى مرسل من قبل الحق سبحانه وتعالى، ورجل لا يعرف الله عز وجل.

 

 

وتقول النصوص السومرية ان هناك حربا اندلعت بين سلالتي اوروك وكيش وقد انتصر بها ملك اوروك لوغال زاغيزي سي وتمكن من السيطرة على مدينة كيش وقام لوغال زاغيزي سي بأسر اور زبابا واسره إلى اوروك وقتله هناك، وأما عن الوركاء أو أوروك، وهي المدينة التاريخية للحضارة السومرية والبابلية والمدينة التاريخية لدى السومريين والبابليين، تقع شرق ضفة نهر الفرات، وتعتبر مدينة الوركاء هى إحدى أوائل المراكز الحضارية في العالم التي ظهرت في بداية العصر البرونزي قبل حوالي أربعة ألاف سنة قبل الميلاد وفي مدينة أوروك أخترعت الكتابة ومن هذه المدينة ظهر الحرف الأول في العالم وذلك في حدود ثلاثة ألاف ومائة عام قبل الميلاد، وقد ظهرت الكتابة بشكلها الأول حيث كانت في بداياتها كتابة صورية ثم تطورت فيما بعد لتصبح الكتابة المسمارية.

 

ومدينة اوروك كانت تلعب دور رئيسي في العالم في تلك الفترة، ويقال بأن مدينة اوروك كان طول محيطها حوالي ستة كيلو مترات، وبذلك كانت أكبر مدينة في العالم بتلك الفترة وظهرت في هذه المدينة أيضا ملحمة كلكامش، وكذلك حيث كان يصنع بها الفخار غير ملون على الدولاب وهو عجلة الفخار، وكما صنعت الأوعية المعدنية، ونشأت فيها حضارة عرفت الكتابة المسمارية وكانت عبارة عن صور بسيطة للأشياء علي ألواح طينية، وقد أتبع فيها الخط المسماري، وقد بقت مدينة الوركاء محافظة على مكانتها كمدينة دينية ومركزا لعبادة الآلهة عشتار، وهم آلهة الحب والحرب، وكرست معابدها لعبادة الآلهة عشتار فحافظت المدينة على نوع من القدسية، إلا أن المدينة بعد ذلك فقدت أهميتها في حوالي سنة ألفين قبل الميلاد، بعد أن احتلها البابليون والعيلاميون وبقت على حالها خلال العهد السلوقي والبارثي ثم غير نهر الفرات مجراه.

 

ولما كانت المدن في العالم القديم تعتمد على مجاري الأنهار فقد هجرت المدينة ولم تسكن بعد ذلك، وأوروك هي المدينة التي عاش بها كلكامش وكتب ملحمته الشهيرة، وأوروك حسب سفر التكوين هي ثاني مدينة بناها الملك نمرود في أرض شنعار، وكانت اوروك أول مدينة متحضرة في تاريخ البشرية، وخلال تلك الفترة بنيت القرى الزراعية حول مدينة أوروك، وكانت تتمتع في ذلك الوقت بقوة عسكرية واقتصادية، وكان خامس ملوكها كلكامش ابن الملك لوكال بندا وكانت المدينة مقرا لعبادة الإله أنو، إله السماء وكبير الآلهة السومرية، وقد لعبت المدينة دورا هاما في ملحمة كلكامش، حيث كان نظام الحكم السائد أنذاك هو نظام دويلا الملك إذ كانت كل مدينة عبارة عن مملكة مستقلة بحد ذاتها، وكان بها معبد أي أنا، الأبيض وكان عبارة عن مصطبة، واشتهرت بالأختام الغائرة، وقد كانت مدينة الوركاء هي أول مدينة أستطاعت أن توحد دويلات الممالك.

 

حيث نجح ملكها لوكال زاكيزي بتوحيد الممالك المتناحرة وأسس دولة كبرى حدودها من البحر السفلي وهو المعروف الآن بالخليج العربي، إلى البحر الأعلى وهو البحر المتوسط، ولم تستمر سيطرة الوركاء طويلا إذ سرعان ما أستولى سرجون الأكدي على الملك وهزم لوكال زاكيزي وبذلك فقد شهد العراق بداية حقبة جديدة في تاريخه وهي الدولة الأكدية والتي سقطت على أيدي الكوتيين بحدود عام ألفين ومائة وخمسين قبل الميلاد وعادت الوركاء مجددا إلى الظهور إذ استطاع أحد ملوكها من قيادة حرب لأجل تحرير البلاد من السيطرة الكوتية وهو الملك أوتو حيكال، وبذا فقد استعادت مدينة انو هيبتها وعادت إلى صدارة المشهد في حضارة العراق القديم، وبعد سبعة سنوات من حكم اوتوحيكال مات في ظروف غامضة ليستولي على العرش قائد جيشه وصهره أورنمو الذي نقل عاصمة ملكه إلى مدينة أور، وأسس سلالة جديدة وهي سلالة أور الثالثة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى