مقال

الدكروري يكتب عن معركة القادسية “جزء 1”

الدكروري يكتب عن معركة القادسية “جزء 1”

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

تعتبر معركة القادسية هى إحدى معارك الفتوح الإسلاميه وقد وقعت في العام الخامس عشر للهجرة بين المسلمين بقيادة الصحابى الجليل سعد بن أبي وقاص، وبين الفرس بقيادة الإمبراطور رستم فرخاذ، وحصلت هذه المعركة في العراق، وبالتحديد في منطقة القادسية، وانتهت بهزيمة الفرس، ومقتل الإمبراطور رستم، وتعتبر معركة القادسية من أهم المعارك الإسلامية الفاصلة التي تواجهت فيها جيوش المسلمين مع جيوش الفرس، فقد حشد فيها الفرس مئات الآلاف من المقاتلين من أجل الدفاع عن أنفسهم ضد ما رأوا أنه تهديد لوجودهم، إلا أن تلك الحشود الجبارة لم تفلح في التغلب على قوة جيوش المسلمين وبأسهم الشديد في تلك المعركة العظيمة حيث منيت قوات الفرس بهزيمة نكراء، وكانت تلك المعركة مقدمة للقضاء نهائيا على الإمبراطورية الساسانية الفارسية.

 

وكان سبب هذه المعركه وهو الصدام العسكري الذي حدث بين المسلمين، والفرس في جبهة العراق خلال خلافة أبي بكر الصديق، وبداية خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وكان قد قطع شوطاً كبيرا، إلا أنه لم يصل إلى مرحلة اللقاء العسكري الحاسم بين كلا الطرفين، فهزيمة الفرس في معركة البويب لم يخرجهم من العراق، فبقيت الفرس مسيطرة على البلاد سياسيا وعسكريا، فكان لا بد من حدوث لقاء عسكري نهائي وحاسم بين كلا الطرفين لإنهاء الحكم العسكري، والسياسي للفرس في بلاد العراق، ونشر الدعوة الإسلامية بسلام، وكان قد سبق أن تواجه المسلمون مع الفرس في أكثر من موقعة قبل معركة القادسية، فقد كلف الخليفة الراشد أبو بكر الصديق رضي الله عنه القائد المسلم خالد بن الوليد رضي الله عنه.

 

أن يتوجه لمواجهة الفرس فيها، وقد استطاع رضي الله عنه الانتصار على الفرس في أكثر من معركة، وكان منها معارك الولجة، وأليس، والمذار، والفراض، قبل أن يتولى المثنى بن حارثة الشيباني قيادة جيوش المسلمين في العراق بعد رحيل القائد خالد بن الوليد رضى الله عنه عنها إلى الشام لنصرة جيوش المسلمين فيها، وكان هذا اليوم يُقاس في التاريخ بيوم بدر، وكان الجيش الإسلامي في القادسية يتضمن سبعين رجلا أو أكثر من رجال بدر، وهذا أعطى للقادسية أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي، وقد وقف الجيشان أمام بعضهما البعض، وفي لحظة عبور الجيش الفارسي كان الوقت قد مضى من أول النهار، وحدثت مفاوضات بين المسلمين، وبين قيادة الفرس السياسية والعسكرية، إلا أن هذه المفاوضات باءت بالفشل، فهي لم تحقق الأهداف الإسلامية.

 

كما أن سلبية المفاوض الفارسي لعبت دورا كبيرا في فشل المفاوضات، وعلى الرغم من ذلك فقد نجح رسل المسلمين في إيصال الدعوة الإسلامية إلى قادة الفرس، وتهديدهم، وإقامة الحجة عليهم بإيصال الدعوة لهم، وشاء الله في هذا اليوم واليوم الذي قبله أن يمرض سعد بن أبي وقاص، فقد أصيب بدمامل في ظهره، وقيل أنه أصيب بعرق النسا فكان لا يستطيع أن يمشي، ولا يستطيع الجلوس، فلم يكن يستطيع أن يمتطي حصانه، فاتخذ قصر “قديس” مكانا للقيادة وصعد إلى أعلى القصر، ولم يستطع الجلوس، فنام على صدره على قمة القصر ووضع وسادة تحته، وبدأ بإدارة المعركة من فوق القصر، واستخلف على الجيوش خالد بن عرفطة الذي كان من قواد المسلمين المهرة، فيقوم خالد بن عرفطة بقيادة الجيوش.

 

ويدير الصحابي الجليل سعد بن أبي وقاص المعركة من فوق القصر متابعا خالد بن عرفطة بالرسائل التي يرسلها إليه، فينفذها الجيش عن طريق خالد، وقد اعترض بعض الناس على إمارة خالد بن عرفطة، فما كان من سعد بن أبي وقاص إلا أن قام بالقبض على هؤلاء المشاغبين، وكان يتزعمهم أبو محجن الثقفي، وهو من أشد مقاتلي العرب ضراوة وكان يجيد الشعر الجهادي، وكان المسلمون يعولون عليه كثيرا فقد كان له دور كبير، لكن القائد الحكيم سعد بن أبي وقاص لم يكن يتهاون في مثل هذه الأمور، وكانت الحرب الإسلامية حربا تربوية، فتعمد سعد بن أبي وقاص حبس هذه المجموعة في قصر” قديس” ومنعها من الاشتراك في القتال بسبب اعتراضها، وفي ذلك درس تربوي مهم رغم قلة عدد المسلمين، ورغم كون المسلمين محتاجين إلى كل جهد بشري، ولكنها الحرب التربوية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى