مقال

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 4″

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 4″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الرابع مع شهر شعبان وتحويل القبلة، فإن نبي الله نوح عليه السلام الذي جاء ليبين لهم أن عبادتهم الأصنام لا تجلب لهم نفعا ولا تدفع عنهم ضرا وصفوه بالضلال أية عقول تلك التي لا تميز بين النافع والضار؟ وإلى متى بلغ بهم استخفاف أقوامهم وتسفيه عقولهم عندما اخبروهم أن هذه الأصنام آلهة أو شفعاء لهم عند الله؟ إنه سفه العقول الذي يقود صاحبه إلى الهاوية و إلى العذاب الأليم، ولقد عانى نبي الله موسى عليه السلام من سفه قوم فرعون ومن بني إسرائيل العناء الشديد فقد كان لهؤلاء السفهاء دورا بارزا في محاربة نبي الله موسى عليه السلام والصد عن سبيل الله والوقوف أمام دعوة الحق واستخدموا كل ما لديهم من وسائل لمحاربة الدعوة، ويظهر موقف السفهاء ذوي العقول الطائشة من نبيهم موسى عليه السلام.

 

في تلك الشائعات التي روجوها عنه بأنه به عاهة أو درن في جسده وذلك لأن بني إسرائيل كانوا يغتسلون عاريا ينظر بعضهم إلى عورة بعض ولكن كليم الله نبي الله موسى عليه السلام كان شديد الحياء فكان يغتسل وحده فشنع عليه السفهاء من أجل ذلك قال الله تعالى في سورة الأحزاب ” يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسي فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها” ولقد وقف السفهاء من نب الله موسى عليه السلام موقف كلها تدل على الرعونة والخفة والسفه، فوصفوا موسى عليه السلام بالإفساد رغم أنه جاء ليحررهم من فساد فرعون وجند فها هو رأس الفساد وأسفه من عرفته البشرية فرعون اللعين الذي وصفه الله بخمسة جرائم فقال الله تعالى كما جاء في سورة القصص ” إن فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين”

 

فتأملوا في ذلك الغر المأفون وهو يقول لقومه كما جاء في سورة غافر ” وقال فرعون ذروني أقتل موسي وليدع ربه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد” ويقول سيد قطب رحمه الله، فهل هناك أطرف من أن يقول فرعون الضال الوثني، عن موسى رسول الله عليه السلام “إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد” أليست هي بعينها كلمة كل طاغية مفسد عن كل داعية مصلح؟ أليست هي بعينها كلمة الباطل الكالح في وجه الحق الجميل؟ أليست هي بعينها كلمة الخداع الخبيث لإثارة الخواطر في وجه الإيمان الهادئ؟ إنه منطق واحد يتكرر كلما التقى الحق والباطل، والإيمان والكفر، والصلاح والطغيان على توالي الزمان واختلاف المكان، وعلى منوال الطاغية نسجت حاشية السفهاء فوصفوا نبي الله موسى عليه السلام بالإفساد.

 

كما جاء في سورة الأعراف ” وقال الملأ من قوم فرعون أتذر موسي وقومه ليفسدوا في الأرض ويذرك وآلهتك قال سنقتل أبناءهم ونستحي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون” وكما أن السفهاء من قريش تطاولوا على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم وطعنوا في رسالته وصدر سورة القلم يوضح لنا مدى سفه كفار مكة قال الله تعالى مدافعا عن نبيه صلى الله عليه وسلم كما جاء في سورة القلم ” ن والقلم وما يسطرون، ما أنت بنعمة ربك بمجنون، وإن لك لأجرا غير ممنون، وإنك لعلي خلق عظيم” ولقد تجمع السفهاء من اليهود و المنافقون والمشركون جميعا ليطعنوا في رسالة النبي صلى الله عليه وسلم عندما منّ الله على نبيه بتحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى البيت الحرام قال الله تعالى مخبرا عن سفه هؤلاء كما جاء في سورة البقرة.

 

” سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلي صراط مستقيم” وقال البيضاوي في تفسير السفهاء وأحسن ما شاء هم الذين خفت أحلامهم واستمهنوها بالتقليد والإعراض عن النظر، يريد المنكرين لتغيير القبلة من المنافقين واليهود والمشركين، وفائدة تقديم الإخبار توطين النفس وإعداد الجواب، وقال السعدي رحمه الله وقد اشتملت الآية الأولى على معجزة، وتسلية، وتطمين قلوب المؤمنين، واعتراض وجوابه، من ثلاثة أوجه، وصفة المعترض، وصفة المسلم لحكم الله دينه، فأخبر الله تعالى أنه سيعترض السفهاء من الناس، وهم الذين لا يعرفون مصالح أنفسهم، بل يضيعونها ويبيعونها بأبخس ثمن، وهم اليهود والنصارى، ومن أشبههم من المعترضين على أحكام الله وشرائعه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى