مقال

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 3″

الدكروري يكتب عن شهر شعبان وتحويل القبلة ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع شهر شعبان وتحويل القبلة، فالصلاة عبادة جليلة يشترك فيها أهل السماء مع أهل الأرض، فعن حكيم بن حزم قال بينما رسول الله صلي الله عليه وسلم في أصحابة، إذ قال لهم ” تسمعون ما أسمع؟ قالوا ما نسمع من شيء، قال ” إني لأسمع أطيط السماء، وما تلام أن تبط، وما فيها موضع شبر إلا وعليه ملك ساجد أو قائم” فإن الصلاة هي أم العبادات وأساس الطاعات، فهي راحة كل مهموم وفرج لكل مكروب فيها يناجى العبد مولاه وهو منه اقرب ما يكون ولذا كان صلى الله عليه وسلم يقول “أرحنا بها يا بلال” كما عند أحمد وأبو داود، ومن دروس تحويل القبلة، هي مكانة المسجد الأقصى، والرباط الوثيق بينه وبين المسجد الحرام، فللمسجد الأقصى مكانة كبرى في الإسلام فلقد شرفه الله تعالى ووصف أرضه بالبركة.

 

فقال تعالى في مستهلّ سورة الإسراء “سبحان الذي أسري بعبده ليلا من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصي الذي باركنا حوله” فمن الآية يتضح انه منتهى إسراء النبي صلى الله عليه وسلم، و بداية المعراج إلى الملأ الأعلى، وهو قبلة المسلمين الأولى، وهو أرض المحشر والمنشر، فعن ميمونة مولاة النبي صلي الله عليه وسلم قالت قلت يا رسول الله أفتنا في بيت المقدس، قال ” أرض المحشر والمنشر، ائتوه فصلو فيه، فإن صلاة فيه كألف صلاة في غيرة” وهو ثاني مسجد وضع في الأرض، كما ورد في الحديث الشريف عن الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري رضي الله عنه، قَال، قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال ” المسجد الحرام” قلت ثم أي؟ قال ” المسجد الأقصي” قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة، وأينما أدركتك الصلاة فصلي فهو مسجد” رواه مسلم.

 

وفي ذلك كله توجيه للمسلمين بأن يقدروهما حق قدرهما، وإن هذا الحدث الجليل وهو حدث تحويل القبلة ليبعث على تحويل القلوب والنفوس نحو الخير، نحو السماحة والوسطية واليسر، نحو، مزيد من العمل والإنتاج، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن قامت القيامة وفي يد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتي يغرسها، فليغرسها” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ” إن لربكم عز وجل في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعل أحدكم أن تصيبه منها نفحة لا يشقي بعدها أبدا” رواه الطبراني، فالمؤمن الفطن يعلم أن أنفاسه معدودة، وأن عمره هو رأس ماله، ولا يمكن أن يسعد إذا أهمل هذا العمر الذي هو طريق سعادته، بل يغتنمه في فعل الخيرات وعمل الصالحات، فقد قال الله تعالى في سورة الحج.

 

” يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون” فسارعوا بالخيرات والطاعات، فالصحة يفجؤها السقم، والقوة يعتريها الوهن، والشباب يعقبه الهرم، ولقد قال صلى الله عليه وسلم” اعتنم خمسا قبل خمس، شبابك قبل هرمك وصحتك قبل سقمك وغناك قبل فقرك وفراغك قبل شغلك وحياتك قبل موتك” وإن من دروس تحويل القبلة هو بيان مواقف السفهاء، وأما عن تعريف السفيه، فإن أصل السفه في اللغة هو نقص وخفة العقل والطيش والحركة، وإن السفه هو نقيض الحلم وهو سرعة الغضب، والطيش مِن يسير الأمور، والمبادرة في البطش، والإيقاع بالمؤذي، والسّرف في العقوبة، وإظهار الجزع من أدنى ضرر، والسّب الفاحش، وقال ابن القيم رحمه الله، السفه غاية الجهل.

 

وهو مركب من عدم العلم بما يصلح معاشه ومعاده، وإرادته بخلافه، ولقد وقف السفهاء في كل عصر وبلد من أصحاب الرسالات ومن المصلحين موقف شاذة إن دلت فإنما تدل على الطيش والسفه وقلة الإدراك لما يقومون به، وأن السفه لا يخص طائفة معينه بل قد يكون السفيه صاحب وجاهة ومكانة في قومه إلا أن أفعاله تجاه الحقائق والبراهين تدل على رعونته وسفاهته وهذا ما حدث مع نبي الله نوح عليه السلام فها هم الملا علية القوم يسخرون ويستهزؤون من رسالة ودعوة نوح عليه السلام فقال الله تعالى كما جاء في سورة الأعراف “قال الملا من قومه إنا لنراك في ضلال مبين، قال ياقوم ليس بي ضلالة ولكني رسول رب العالمين، أبلغكم رسالات ربي وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى