مقال

الدكرورى يكتب عن القدوة الحسنة ” جزء 2″

الدكرورى يكتب عن القدوة الحسنة ” جزء 2″

بقلم / محمــــد الدكــــرورى

 

ونكمل الجزء الثاني مع القدوة الحسنة، وقد تمثلت في الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم صفات جليلة جعلت منه قدوة بالفعل، والقدوة الحسنة هي المثال الواقعي للسلوك الخلقي الأمثل، وهذا المثال الواقعي قد يكون مثالا حسيّا مشاهدا ملموسا يقتدي به، وقد يكون مثالا حاضرا في الذهن بأخباره، وسيره، وصورة مرتسمة في النفس بما أثر عنه من سير، وقصص، وأنباء من أقوال أو أفعال، والقدوة الحسنة تكون للأفراد على صفة أفراد مثاليين ممتازين وتكون للجماعات على صفة جماعات مثالية ممتازة ، ووجه القرآن الكريم بصراحة تامة إلى القدوة الحسنة، فقال الله تعالى في سورة الأحزاب ” لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا” ففي هذا النص إرشاد عظيم من الله تبارك وتعالى للمؤمنين.

 

أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة حسنة لهم، يقتدون به، في أعماله، وأقواله، وأخلاقه، وكل جزئيات سلوكه في الحياة، فهو خير قدوة يقتدي بها الأفراد العاديون، والأفراد الطامحون لبلوغ الكمال الإنساني في السلوك، وجعل الله تعالي الذين آمنوا معه، وصدقوا، وأخلصوا، واستقاموا ، أمثلة رائعة يقتدى بها في معظم الفضائل الفردية والاجتماعية ولئن انتقل الرسول صلوات الله عليه إلى جوار ربه، فإن سيرته التي تحتوي على جزئيات سلوكه ماثلة لنا وفيما بلغنا من تراحم أصحابه رضوان الله عليهم ما يكفي لتجسيد القدوة الحسنة للمجتمع المسلم، ثم إن كل عصر من العصور من بعدهم لا يخلو من وجود طائفة من أمة النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم تصلح لأن تكون قدوة حسنة، قَلت هذه الطائفة أو كثرت.

 

فقد بشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله ” لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق، ظاهرين على من ناوأهم، حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال ” وروى مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة ” وروى البخاري ومسلم عن معاوية قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ” لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله، لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك ” فلا يخلو عصر من عصور الأمة المحمدية من طائفة صالحة، تصلح لأن تكون في عصرها قدوة حسنة للأفراد، وقد قام أصحاب الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم بدور كبير في هذا المجال، فكان كل واحد منهم مدرسة فاضلة بالأخلاق الحسنة.

 

والخصال الحميدة، فوجب علينا الاقتداء بهم لذا كان حريّا بنا أن نتمثل أخلاق نبينا الكريم صلي الله عليه وسلم وصحبه البررة، وأن تكون أخلاقهم نبراسا لنا نهتدي به إلى الخير والفلاح لبناء مجتمع قوي متماسك يقوم على المحبة والسلام والتعاون، وحب الإنسان لأخيه الإنسان، ونبذ المنكرات وفعل الواجبات، وكفانا فخرا أن يوضع اسم نبينا صلى الله عليه وسلم على رأس قائمة المائة الأوائل في التاريخ في أحد الكتب التي تم تاليفها حديثا مع أن مؤلفه ليس مسلما وكفانا أن نرى عشرات المستشرقين والباحثين الأجانب يدرسون الإسلام بروية وإمعان، ويبدون إعجابهم بشخصية محمد صلى الله عليه وسلم وأخلاقه الفاضلة، وأخلاق صحبه الكرام البررة، فها هو برناردشو وهو الكاتب الأيرلندي يرى في محمد صلى الله عليه وسلم منقذا للبشرية المعاصرة لو كان موجودا.

 

فيقول “لو كان محمد موجودا لكان حل مشكلات العالم المعاصر المُعقدة” وإضافة لكل ذلك يجب أن نربي أطفالنا على الابتعاد عن التقليد الأعمى، والانجراف خلف تيار الصراعات الآتية إلينا عبر وسائل الإعلام، والتي تكون غريبة عن مجتمعاتنا، ويكون هدفها تخريب عقول أبنائنا لإخراجها من إطارها السليم وذلك بهدف القضاء على أهم لبنات البناء في المجتمع، كما يجب أن نزيد من توعية أولادنا وأن نجعلهم يدركون أن تقليد الأجنبي الذي لا يردعه وازع ديني أو خلقي، والاقتداء به يؤدي إلى نتيجة وخيمة وكارثة مدمرة تؤدي بالمجتمع بأسره وتجرّه إلى حالة الضعف والوهن والضمور، وتكون النتيجة النهائية غياب العقل والسقوط في مهاوي الرذيلة والجهل والانحطاط، والانقياد للغرائز البهيمية التي يكمن فيها الموت الأكيد والشقاء المُحتم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى