مقال

الدكروري يكتب عن تحويل القبلة في الشريعة الإسلامية ” جزء 2″

الدكروري يكتب عن تحويل القبلة في الشريعة الإسلامية ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع تحويل القبلة في الشريعة الإسلامية، وإن تحويل القبلة هو حدث تاريخي إسلامي عظيم حيث قيل أنه كان في ليلة النصف من شهر شعبان، في السنة الثانية من الهجرة أو بعد سبعة عشرا أو ثماني عشر شهرا من الهجرة، وكما قيل أيضا أنه كان في اليوم السابع عشر من شهر رجب في العام الثاني بعد الهجرة النبوية إلى المدينة، وهو تحويل الصلاة قبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، كما قيل أن ذلك كان في ثامن أيام المحرم من العام الثاني أيضا، أثناء الركعة الثانية من صلاة الظهر، وقد صلى المؤمنون نحو المسجد الأقصى حوالي ستة عشرة شهرا إلى أن وقع نسخ بقوله تعالى” قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ماكنتم فولوا وجوهكم شطره”

وكان تحويل القبلة أول نسخ وقع في الإسلام كما يذكر ابن كثير في البداية والنهاية، وكان الله سبحانه وتعالى قد أقر جواز النسخ قبل ذلك في قوله تعالي ” ما ننسخ من آية أو ننسها نأتي بخير منها أو مثلها، ألم تعلم أن الله علي كل شيء قدير” ويروي ابن كثير في البداية والنهاية الروايات المتعددة لتحويل القبلة، إذ اختلف حول تحديد موعد تحويلها، فقيل في شهر رجب في السنة الثانية من الهجرة، ووقيل إنها حدثت في شهر شعبان، وقيل إنها حدثت في النصف من شعبان بعد ثمانية عشر شهرا من الهجرة، وروى البخاري حديثا عن البراء رضي الله عنه يوضح قصة تحويل القبلة، فيروي البراء أن النبي الكريم محمد صلي الله عليه وسلم قد صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهرا أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت.

وأنه صلى، أو صلاها، صلاة العصر، وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان معه، فمر على أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلي الله عليه وسلم قبل مكة، فداروا كما هم قبل البيت، وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول رجال قتلوا لم ندر ما نقول فيهم، فأنزل الله “وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله بالناس لرءوف رحيم” وكان النبي صلي الله عليه وسلم يصلي في مكة متجها إلى بيت المقدس والكعبة بين يديه، فلما هاجر إلى المدينة لم يستطع أن يجمع بين الأثنين، فصلى في بداية الأمر إلى بيت المقدس، وعقب ذلك بحوالي ستة عشر شهرا أو سبعة عشر، استقبل الكعبة، وكان صلي الله عليه وسلم يحب أن تكون قبلته إلى الكعبة قبلة إبراهيم، فكان يكثر الدعاء والتضرع إلى الله لذلك، ولذا أنزل الله سبحانه وتعالى.

” قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام” ويروي ابن كثير أنه بمجرد نزول الآيات خطب رسول الله صلي الله عليه وسلم في المسلمين وأخبرهم بتحويل القبلة، وكان ذلك في وقت صلاة الظهر، وقال بعضهم إن تحويلها حدث بين الصلاتين، وثبت في صحيحي البخاري ومسلم أن أول صلاة صلاها الرسول صلي الله عليه وسلم متجها إلى الكعبة كانت العصر، لكن لم يصل الخبر للمسلمين في قباء إلا في صلاة الصبح من اليوم التالي، فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال “بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل عليه الليلة قرآن، وقد أمر أن يستقبل الكعبة، فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة” وإن بيت الله الحرام والكعبة المشرفة.

هي قبلة نبي الله موسى والأنبياء قبله، ويروي ابن كثير في البداية والنهاية أن الكعبة كانت قبلة الأنبياء قبل رسول الله صلي الله عليه وسلم فكان يصلي به موسى ومن قبله من المرسلين، قائلا إن اختيار أفضل الجهات في الصلاة هو اختيار لله أيضا للأمة المسلمة أن تكون خيار الأمم وخلاصة العالم وأشرف الطوائف، مستندا إلى قوله تعالى “وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا” وإن تحويل القبلة هو اختبار كاشف “من يتبع الرسول ومن ينقلب على عقبيه” ولم يكن حدث تحويل القبلة هينا، بل كان اختبارا وامتحانا للناس، فبينما تقبل البعض الأمر بسرعة وسلاسة، فتن البعض الآخر، وبينما رضخ بعض المسلمين دون مخاوف، قلق آخرون حول صلواتهم السابقة ومن مات قبل تحويل القبلة، هل حبطت أعمالهم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى