مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن مجاهد ” جزء 1″

الدكروري يكتب عن الإمام إبن مجاهد ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام إبن مجاهد هو أحمد بن موسى بن العباس وهو قارئ من قارئي القرآن الكريم وراوي من رواة الحديث النبوي، اسمه أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي البغدادي شيخ الصنعة وشيخ القراء في عصره، ولد في بغداد عام مائتان وخمسة وأربعون من الهجرة، ونشأ أبو بكر بن مجاهد على حفظ القرآن وعلى قراءات القرآن وتفسيره واعرابه وروايات حروفه وطرقه، وأخذ يتنقل بين شيوخ القراءات في عصره حتى أخذ عنهم جميعا، فأخذ عن عبد الرحمن بن عبدوس الثقة الضابط المحرر تلميذ حفص الدوري إذ يقول ابن مجاهد قرأت على ابن عبدوس قراءة نافع من أول القرآن إلى خاتمته نحوا من عشرين ختمة، وقرأ على قنبل شيخ القراء بمكة المكرمة سنة مائتين وسبعة وثمانون من الهجرة، ومن شيوخه أيضا محمد بن إسحاق أبو ربيعة.

 

ومحمد بن يحيى الكسائي الصغير وأحمد بن يحيى ثعلب وموسى بن إسحاق الأنصاري وأحمد بن فرح وإدريس بن عبد الكريم والحسن بن العباس بن أبي مهران وعبد الله بن أحمد بن حنبل وعبد الله بن أبي داود وغيرهم، وقد ولد أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد التميمي، المعروف بابن مجاهد في بغداد سنة مائتان وخمس وأربعون للهجرة، وأقبل على حفظ القرآن وطلب العلوم بفضل ذكائه المتوقد وحافظته الواعية، ثم انكب على قراءات القرآن ورواياته وتفسيره، حتى برع في تعلمها، وتنقل بين شيوخ القراءات في عصره يقرأ عليهم ويتعلم منهم حتى صار أكبر علماء عصره في القراءات، وإمام القراء في بغداد دون منازع، وفيه يقول أبو عمرو الداني شيخ القراء في الأندلس ” فاق ابن مجاهد في عصره سائر نظرائه من أهل صناعته.

 

مع اتساع علمه وبراعة فهمه وصدق لهجته” واشتهر أمره وصيته فأقبل عليه الطلاب من كل مكان، واتسعت حلقته اتساعا ظاهرا، ولم تعد تنافسها حلقة من حلقات شيوخ الإقراء، وظل على هذا النحو حتى وفاته سنة ثلاثمائة وأربعة وعشرون، ولقد اتسعت القراءات في عصر ابن مجاهد، واتجه بعض القراء إلى قراءة القرآن بقراءات شاذة، تخالف مصحف عثمان بن عفان الذي اجتمعت عليه الأمة، وحاول ابن مجاهد أن يرد بعضهم إلى جادة الصواب بالرفق واللين، لكنهم لم ينتهوا فرفع أمر أحدهم إلى القضاء الذي اتخذ منهم موقفا حاسما، وقد دفعت هذه الملابسات ابن مجاهد ليقوم بعمله العظيم في أن يختار طائفة من القراء يكتفى بهم عمن سواهم، فاجتهد في ذلك واختار سبعة من أئمة القراءة في أمصار خمسة هي أهم الأمصار التي حُملت عنها القراءات في العالم الإسلامي.

 

وهي المدينة ومكة والكوفة والبصرة والشام، وهؤلاء القراء السبعة تواترت عنهم القراءة الصحيحة، ونقلها العلماء عنهم نقلا متواترا على نحو لا يمكن تواطؤهم على الكذب، وقد عرفت هذه القراءات بأسماء أهم من عرف القراءة بها، وأصحاب هذه القراءات هم نافع المدني، وابن كثير المكي، وأبو عمرو بن العلاء البصري، وابن عامر الشامي، وعاصم وحمزة والكسائي الكوفيون، وقد قوبل هذا العمل من ابن مجاهد بكل تقدير، فلم يراجعه أحد فيمن رأى تقديمه على القراء من هؤلاء السبعة، وقد سجل عمله الكبير في مؤلفه “كتاب السبعة في القراءات” وبعد أن تلقى ابن مجاهد جميع قراءات القرآن الكريم جلس للإقراء وتعليم المسلمين حروف القرآن الكريم، قال ابن الجزري وبعد صيت ابن مجاهد واشتهر أمره وفاق نظراءه مع الدين والحفظ والخير.

 

ولا أعلم أحدا من شيوخ القراءات أكثر تلاميذ منه ولا بلغنا ازدحام الطلبة على أحد كازدحامهم عليه، وقال حكى ابن الأخرم أنه وصل إلى بغداد فرأى في حلقة ابن مجاهد نحوا من ثلاثمائة مصدر، وقال علي بن عمر المقرئ كان ابن مجاهد له في حلقته أربعة وثمانون خليفة يأخذون على الناس، وممن تتلمذ على يديه إبراهيم بن أحمد الخطاب والحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي والحسن بن سعيد المطوعي والحسين بن خالويه النحوي والحسين بن محمد بن حبشي وزيد بن علي وعبد السلام بن بكار وعبد الله بن الحسين أبو أحمد السامري وغيرهم كثير، ولم يقتصر ابن مجاهد على تعليم القرآن وحروفه بل تصدر أيضا لرواية الحديث النبوي الشريف وأكب على دراسة الحديث النبوي الشريف وحدث عن عدد كبير من علماء الحديث منهم عبد الله بن أيوب المخزومي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى