مقال

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 6″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن فضائل شهر شعبان ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء السادس مع فضائل شهر شعبان، فكيف نجمع بين حديث الحثّ وحديث المنع فالجواب، أنه قال كثير من العلماء وأكثر شراح الحديث “إن هذا الرجل الذى سأله النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن له عادة بصيامه، أو كان قد نذره فلذلك أمره بقضائه” وقيل في المسألة أقوال أخرى، وخلاصة القول أن صيام آخر شعبان له ثلاثة أحوال، أحدها وهو أن يصومه بنية الرمضانية احتياطا لرمضان، فهذا محرم، والثاني وهو أن يصام بنية النذر أو قضاء عن رمضان أو عن كفارة ونحو ذلك ، فجوّزه الجمهور، والثالث وهو أن يصام بنية التطوع المطلق ، فكرهه من أمر بالفصل بين شعبان ورمضان بالفطر، ومنهم الحسن، وإن وافق صوما كان يصومه، ورخص فيه مالك ومن وافقه، وفرّق الشافعي والأوزاعي وأحمد وغيرهم بين أن يوافق عادة أو لا.

 

وبالجملة فحديث أبي هريرة رضى الله عنه السالف الذكر، هو المعمول به عند كثير من العلماء، وأنه يكره التقدم قبل شهر رمضان بالتطوع بالصيام بيوم أو يومين لمن ليس له به عادة، ولا سبق منه صيام قبل ذلك في شهر شعبان متصلا بآخره، فإن قال قائل لماذا يُكره الصيام قبل رمضان مباشرة، لغير من له عادة سابقة بالصيام، فالجواب أن ذلك لمعانى كثيرة ومنها، هو لئلا يزاد في صيام رمضان ما ليس منه، وكما نهي عن صيام يوم العيد لهذا المعنى، وحذرا مما وقع فيه أهل الكتاب في صيامهم، فزادوا فيه بآرائهم وأهوائهم، ولهذا نهي عن صيام يوم الشك، وقال عمار من صامه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، ولقد كان من هدى أصحاب النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان، أنهم كانوا رضوان الله تبارك وتعالى عليهم لهم هدي كريم.

 

في هذا الشهر الكريم، يعبر عنه الصحابى الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول “كنا إذا هلّ علينا هلال شهر شعبان، نظر الولاة إلى مَن بالسجن، فمن كان عليه حد أقاموه وإلا خلوا عنه، ونظر تجار المسلمين إلى حاجات المسلمين في شعبان ورمضان فجاءوا بها، ليتفرّغ المسلمون لطاعة الله تعالى في شهر رمضان، ونظر أهل الأموال إلى أموالهم وأخرجوا زكاة أموالهم ليتقوّى بها الفقراء والمساكين على صيام شهر رمضان” فإن الزكاة الإسلامية فرضت في هذا الشهر الكريم مع الصيام، في العام الثاني من الهجرة، والمؤمن يجعل له عاما هجريا يحسب عليه زكاته، ولا يجوز أن يجعل له عاما ميلاديا، لأن العام الهجري ينقص عن العام الميلادى، فهو ينقص إحدى عشر يوما عن العام الميلادى، فإذا حسب على الحساب الميلادى فسينكسر الحساب بعد أيام.

 

أو بعد سنين عدة، ويكون عليه دين لله عز وجل سنة أو أكثر لم يؤدى عنها زكاة، فكانوا يجعلون لأنفسهم شهرا هجريا يُؤدون فيه الزكاة ويخرجونها للفقراء والمساكين، وكان أغلبهم يستحسن أن يكون هذا الشهر شهر شعبان، لأن معظم المؤمنين يعملون باليومية والأجر ويقول حتى أغني إخواني المسلمين من الفقراء عن العمل الشاق في يوم رمضان وفي شهر رمضان، وخاصة في أيام الحر الشديد، وكانوا بعد ذلك يتمرنون على تلاوة القرآن الكريم وتجويد المخارج وحُسن التلاوة، ويتمرنون على أحكام الصيام، فإذا دخل المسلم على شهر رمضان عمل كما يقول العلم الحديث في الرياضة البدنية ، يسخّن نفسه بالصيام لصيام شهر رمضان، وأعدّ نفسه بالتلاوة للتفرغ لتلاوة القرآن فى شهر رمضان، وفرّغ نفسه من الديون التي لله تعالى وهي الزكاة.

 

وأغنى بها إخوانه الفقراء والمساكين ليستعينوا بها على طاعة الله، في شهر رمضان، ودرس الأحكام مع العلماء الأجلاء حتى يكون شهر رمضان شهر عبادة خاصة لله عز وجل، وإذا كان أكابر العلماء إذا دخل رمضان تفرغوا للصيام وطاعة الله ولم يؤدوا دروسا للعلم بالمرة، فكان الإمام الشافعي له كل يوم طوال العام دروسا للعلم تمتد من صلاة الفجر إلى صلاة الظهر، وكان يدرّس فيها لقومٍ تلاوة القرآن وتجويده، ويدرّس لقوم بعدهم ساعة في الفقه، ولقوم بعدهم ساعة في التفسير، ولقوم بعدهم ساعة في الحديث، ويظل إلى صلاة الظهر، فإذا جاء شهر رمضان فضّ مجلس العلم وتفرّغ لتلاوة القرآن الكريم وطاعة الرحمن سبحانه وتعالى، حتى روي أنه رضي الله عنه كان يقرأ القرآن في شهر رمضان ويختمة ستين ختمة، ثلاثين ختمة بالنهار وثلاثين ختمة بالليل، وهذا توفيق من الله عز وجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى