مقال

الدكروري يكتب عن عدلت شهادة الزور الشرك بالله ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن عدلت شهادة الزور الشرك بالله ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

 

ونكمل الجزء الخامس مع عدلت شهادة الزور الشرك بالله، فهي تحرص أشد الحرص على أمن الجماعة ونظامها وسلامتها، لذلك نرى أن كل الأفعال التي حرمها الشرع وعاقب عليها هي أعمال تفسد أمن المجتمع، وتؤدى لو تركت إلى اضطراب الأمور، وإشاعة الفوضى، والقلق في النفوس، ومن ثم تؤدى إلي دمار المجتمع، ولأجل ذلك فقد حرم الله سبحانه وتعالى شهادة الزور، واعتبرها من أكبر الكبائر، لأنها تؤدى إلى ضياع حقوق الناس، وانقلاب الحق إلى الباطل، وإنه يظن كثير من الناس أن شهادة الزور مقتصرة على التي في المحاكم وعند القضاة وهذا إنما هو نوع من أنواع الزور الشاهد والمشهود له مجرمان فيه غاية الإجرام والشاهد أشد إجراما لأنه يبيع دينه بدنيا غيره وأشد إجراما منهما القاضي أو الحاكم إذا كان يعلم أن شهادة الشاهد كاذبة.

 

كما هو حال بعض الشهود الذين يرابطون عند أبواب المحاكم فيترددون على القاضي مرارا وتكرارا في قضايا مختلفة ولأناس مختلفين، وإن من أنواع الزور تلك التوقيعات التي يوقعها بعض المسئولين في بعض الإدارات بأن فلانا تم انتدابه لمدة كذا وكذا أو أنه مصاب بمرض كذا وكذا أو أنه موجود ومداوم عندهم في الإدارة والأمر ليس كذلك فهذا زور وتزوير من الطرفين وأكل للمال بالباطل، ومن الزور أيضا تلك التقارير المزورة التي يرفعها بعض المدراء والمشرفين في أمور يعلمون علم اليقين أنها غير صحيحة كالتقارير التي تعطى لبعض الأشخاص للحصول على إجازة من العمل أو الحصول على مساعدة من جهة معينة أو التقارير التي يرفعها بعض الأطباء بمرض من ليس بمريض أصلا أو إعطاء الطالب تقريرا يمنعه من الذهاب إلى المدرسة.

 

أو دخول الامتحان أو غير ذلك من الزور والبهتان، ومن الزور أيضا هو ما يفعله بعض أصحاب المحلات التجارية من كتابة لفواتير مزيفة وغير حقيقية أو إعطاء الزبون فاتورة بيضاء ليكتب فيها ما يريد أو كتابة فواتير بمبلغ غير المبلغ الفعلى الذي استلمه صاحب المحل كل ذلك من الزور والإعانة على الإثم والعدوان، والله سبحانه وتعالى يقول فى كتابه الكريم ” وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان” ومن شهادة الزور ما يفعله بعض الدلالين والمروجين للسلع حيث يصفونها بأوصاف يعلمون أنها كذب وغير موجودة في السلعةأو ينفون عنها عيوبا هي موجودة فيها أو يشهدون أن فلانا قد وضع على البضاعة سعرا أكثر من الذي وضعته من أجل أن يخدعوا المشترى حتى يزيد في الثمن وهذه خيانة وبيع للأمانة ومحق لبركة البيع والشراء.

 

ومن الزور ما يفعله بعض المهندسين أو المشرفين على المشاريع حيث يشهد بعضهم أنها حسب المواصفات المتفق عليها وهي في الحقيقة ليست كذلك وهو يعلم بذلك وهذا زور يترتب عليه نتائج خطيرة على البلاد والعباد، ومن أعظم الزور تلك الشهادات المزورة التي تعطى لمن ليس أهلا لها كالشهادات التي تعطى لمن نجح بالغش أو لمن لم يدرس أصلا وكذلك شهادات الخبرة في مجال معين لمن ليس كذلك، وعلى كل حال فالزور موجود ومنتشر على كافة الأصعدة والمستويات وما ذكر من النماذج والأمثلة كاف لمن ظن أن الزور مقتصر على شهادة الزور المعروفة في المرافق التي يتحاكم الناس إليها، وكما أن من أظهر الشهادة زورا قد اقترف إثما عظيما فكذلك من كتم الشهادة وهو يعلمها وشهد بغير الحقيقة التي يعرفها فقد اقترف أيضا كبيرة من الكبائر.

 

فيقول الله تعالى ” ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون” ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه “ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها” وأنه لا خلاف بين الفقهاء في أن شهادة الزور من أكبر الكبائر، وأنه محرم شرعا، قد نهى الله عنه في كتابه مع نهيه عن الأوثان، وقد روى عن خريم بن فاتك الأسدى “إن النبى صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح، فلما انصرف قام قائما، فقال ” عدلت شهادة الزور بالإشراك بالله “ثلاث مرات” ثم تلا هذه الآية من سورة الحج ” واجتنبوا قول الزو، حنفاء لله غير مشركين به” وروى عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “لن تزول قدما شاهد الزور حتى يجب الله له النار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى