مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حاتم الرازي ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حاتم الرازي ” جزء 1″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

الإمام أبو حاتم هو أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن إدريس بن المنذر بن داود بن مهران التميمي الحنظلي الرازي وهو الشهير بإبن أبي حاتم، وأبوه هو أبو حاتم الرازي الإمام المحدّث الحافظ، أما الرازي فهو نسبة إلى الري والزاي للنسبة كما في المروزي نسبة إلى مرو الشاهجان، وقد رحل في طلب الحديث وهو ابن أربع عشرة سنة، فرحل إلى الكوفة، وطوّف حواضر العالم الإسلامي في البصرة وبغداد، ودمشق وحمص ومصر، يسمع من كبار حُفاظها، وإن العلم فخر لحامله، والجهل عار على صاحبه، وأعظم العلم وأشرفه وأنفعه العلم بالله تعالى وبما يرضيه، وفي الإسلام رجال حفظوا العلم وحملوه إلينا، وتتبعوا الآثار والسنن فجمعوها من صدور الرجال وكتبهم، وأمضوا حياتهم كلها يتعلمون ويعلمون، وفي طلب العلم يسهرون ويرتحلون.

 

قد قذف الله تعالى حب السنة النبوية في قلوبهم، فلا راحة لهم إلا في جمعها وتحقيقها، وحيازة الصحيح منها، ونفي الكذب والوهم عنها، هم رجال حق لأمة الإسلام أن تفاخر بهم، وحق لهم أن يكونوا قدوة لشبابها في الجد والاجتهاد والطلب والمثابرة، وكان من أولئك الأفذاذ، هو الإمام أبو حاتم هو أبو محمد عبد الرحمن، وكان الإمام أبو حاتم أبوه إماما في الحديث والجرح والتعديل والعلل وقد رحل في طلب الحديث وقال ابنه عبد الرحمن ابن أبي حاتم عنه سمعت أبي يقول أول سنة خرجت في طلب الحديث أقمت سبع سنين أحصيت ما مشيت على قدمي زيادة على ألف فرسخ لم أزل أحصي حتى زاد على ألف فرسخ تركته، أما ما كنت سرت أنا من الكوفة إلى بغداد فمالا أحصي كم مرة، ومن مكة إلى المدينة مرات كثيرة، وخرجت من البحرين من قرب مدينة صلا إلى مصر ماشيا.

 

ومن مصر إلى الرملة ماشيا، ومن الرملة إلى بيت المقدس ومن الرملة إلى عسقلان، ومن الرملة إلى طبرية، ومن طبرية إلى دمشق، ومن دمشق إلى حمص، ومن حمص إلى أنطاكية، ومن أنطاكية إلى طرسوس، ثم رجعت من طرسوس إلى حمص وكان بقي علي شيء من حديث أبي اليمان فسمعت، ثم خرجت من حمص إلى بيسان، ومن بيسان إلى الرقة ومن الرقة ركبت الفرات إلى بغداد وخرجت قبل خروجي إلى الشام من واسط إلى النيل، ومن النيل إلى الكوفة كل ذلك ماشيا، كل هذا في سفري الأول وأنا ابن عشرين سنة أجول سبع سنين خرجت من الري سنة ثلاث عشرة ومائتين في شهر رمضان ورجعت سنة إحدى وعشرين ومائتين، وقيل أن تفسيره هو تفسير بالأثر فهو يجمع الروايات التفسيرية المسندة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أو إلى الصحابةأو التابعين.

 

فلذلك لا يمكن أن تكون هذه الروايات إن صحت على غير منهج وطريق السلف الذين هم على ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، أما هو فهو على عقيدة أهل السنة والجماعة فقد صنف كتابه السنة والرد على الجهمية ويأتي ذكر ذلك في مؤلفاته، وكان الإمام أبي حاتم لدية همة عالية في طلب الحديث، حيث كان من نتائجها حفظ السنة النبوية، ومعرفة أحوال رواتها، وكان أبو حاتم خبيرا بأحوال آلاف من رجال الحديث ومروياتهم وشيوخهم وطلابهم وأولادهم، يعرفهم أكثر مما يعرف الرجل أفراد أسرته، ومن طالع ما نقل عنه في الحديث وفي رواته تبين له ذلك، فسبحان من سخره لهذه المهمة الشاقة، وسبحان من هداه لهذا العلم الشريف، فأمضى حياته فيه متعلما ومعلما، وكبر الشاب الجاد في طلب العلم، وصار إماما في الحديث ومعرفة رواته.

 

يرحل إليه طلاب العلم من مختلف الأمصار ليتلقوا عنه ما جمع في رحلاته وهو شاب، ولم تفتر همته بكبر سنه، بل كان يقضي وقته كله في بذل العلم كما كان في شبابه يقضي وقته كله في طلبه وجمعه، وورّث هذه الهمة العالية في طلب العلم لابنه عبد الرحمن الذي لازمه ملازمة شديدة، وعاش الإمام أبو حاتم حتى جاوز الثمانين، وهو يعلم الناس سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وختمت حياته وهو يعلم العلم في قصة مؤثرة حكاها ابنه فقال حضرت أبي رحمه الله تعالى وكان في النزع، أي الموت، وأنا لا أعلم، فسألته عن عقبة بن عبد الغافر يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم له صحبة؟ فقال برأسه لا، فلم اقنع منه، فقلت فهمت عني له صحبة؟ قال هو تابعي، قال ابنه فكان سيد عمله معرفة الحديث وناقلة الآثار فكان في عمره يقتبس منه ذلك فأراد الله أن يظهر عند وفاته ما كان عليه في حياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى