مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو نعيم الأصبهاني ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو نعيم الأصبهاني ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثالث مع الإمام أبو نعيم الأصبهاني، فقال الحافظ ابن النجار قد وهم في هذا، فأنا رأيت نسخة الكتاب عتيقة وخط أبي نعيم عليها يقول سمع مني فلان إلى آخر سماعي من هذا المسند من ابن خلاد ويمكن أن يكون روى الباقي بالإجازة ، ثم قال لو رجم النجم جميع الورى لم يصل الرجم إلى النجم، وقد كان أبو عبد الله بن منده يقذع في المقال في أبي نعيم لمكان الاعتقاد المتنازع فيه بين الحنابلة وأصحاب أبي الحسن ونال أبو نعيم أيضا من أبي عبد الله في تاريخه، وقد عرف وهن كلام الأقران المتنافسين بعضهم في بعض، وقد نقل الحافظان ابن خليل والضياء جملة صالحة إلى الشام من تواليف أبي نعيم ورواياته أخذها عنهما شيوخنا، وعند شيخنا أبي الحجاج من ذلك شيء كثير بالإجازة العالية كالحلية، والمستدرك على صحيح مسلم.

 

وعن أبو علي الحداد قال أخبرنا أبو نعيم الحافظ، حدثنا أبو إسحاق بن حمزة، حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، حدثنا عبادة بن زياد، حدثنا يونس بن أبي يعفور، عن أبيه، سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي” وكان لطلب أبي نعيم العلم في حداثة سنه، وسماعه من عدد كبير من الشيوخ في الأمصار التي رحل إليها، وطول العمر الذي أوتيه أثرا كبيرا في جمعه للحديث حتى بلغ مرتبة عالية في العلم والمعرفة بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأثمر ذلك كله مكانة علية، وثناء حسنا عند من جاء بعده من العلماء الذين عرفوا قدره وعلو منزلته، وسعة علمه،فجاءت منهم شهادات تزكية وثناء عاطر لما وصل إليه من علم بالسنة وعلومها، ولما قام به من تصنيف حسن.

 

وجمع كثير لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أقوال العلماء في ذلك، أنه قال الخطيب البغدادي “لم أري أحدا أطلق عليه اسم الحفظ غير رجلين أبو نعيم الأصبهاني، وأبو حازم العبدوي الأعرج” وقال أحمد بن محمد بن مردويه “كان أبو نعيم في وقته مرحولا إليه ولم يكن في أفق من الآفاق أسند ولا أحفظ منه” وقال ابن خلكان “كان من الأعلام المحدثين، وأكابر الحفاظ الثقات، وأخذ عن الأفاضل، وأخذوا عنه، وانتفعوا به” وقال ابن نقطة “رزق من علو الإسناد ما لم يجتمع عند غيره وصنف كتبا حسنة وحديثه بالمشرق والمغرب وكان ثقة في الحديث عالما فهما” وقال شيخ الإسلام ابن تيمية “هو أكبر حفاظ الحديث، ومن أكثرهم تصنيفا، وممن انتفع الناس بتصانيفه، وهو أجل من أن يقال له ثقة، فإن درجته فوق ذلك” وقال الذهبي “وكان حافظا مبرزا عالي الإسناد.

 

تفرد في الدنيا بشيء كثير من العوالي وهاجر إلى لقيه الحفاظ” وقال ابن كثير “هو الحافظ الكبير ذو التصانيف المفيدة الكثيرة الشهيرة منها حلية الأولياء في مجلدات كثيرة دلت على اتساع روايته وكثرة مشايخه وقوة اطلاعه على مخارج الحديث وشعب طرقه” وقال ابن النجار “هو تاج المحدثين، وأحد أعلام الدين” ويمكن أن نخلص مما سبق ذكره إلى أهم ما تميز به أبو نعيم رحمه الله حتى كانت له تلك الشهرة والمنزلة هي البيئة العلمية التي عاش فيها في مدينته أصبهان، والتي كانت تزخر بالعلماء، وأيضا رحلاته العلمية التي مكنته من مشافهة جمع كبير من علماء عصره في كثير من بلدان العالم الإسلامي، وكذلك حرصه على طلب العلم وجده في تحصيله وجمعه، وطول عمره، فلقد عمر أربعا وتسعين سنة، وأيضا علو أسانيده إذ تفرد بالرواية عن أقوام متقدمين.

 

فأمكنه ذلك من إلحاق الصغار بالكبار، وأيضا كثرة مؤلفاته التي ربت على مائة كتاب، وكثرة شيوخه، وكثر الآخذين عنه، وبقيت تلك المنزلة معروفة ومشهودة عند كل من جاء بعده ممن اهتم بالسنة وعلومها وذلك من خلال معرفتهم بالآثار العلمية الكثيرة التي تركها بعده رحمه الله، ومن أشهر الكتب والمصنفات المطبوعة والمشهورة لأبي نعيم الأصبهاني، هو حلية الأولياء وطبقات الأصفياء، ومعرفة الصحابة، وتثبيت الإمامة وترتيب الخلافة، وصفة الجنة، وذكر أخبار أصبهان، ودلائل النبوة، وفضيلة العادلين من الولاة، ومن أنعم النظر في حال العمال والسعاة، والمسند المستخرج على صحيح مسلم، ومسند الإمام أبي حنيفة صفة النفاق ونعت المنافقين من السنن المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفضائل الخلفاء الأربعة وغيرهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى