مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الخامس مع الإمام إبن حجر العسقلاني، وكان ابن حجر يجتهد ويُرجح بعض الأقوال الفقهية حتى لو كانت مخالفة لمعتمد المذهب الشافعي، ويظهر ذلك في كتابه فتح الباري، مثل ترجيحاته في مسألة عدد من تنعقد بهم الجمعة، ومسألة الجهر بالقراءة في صلاة الكسوف، وقراءة البسملة مع الفاتحة في الصلاة، ومسألة سجود السهو وموضعه قبل السلام أو بعده، وغيرها من المسائل، ولم يُصرح ابن حجر بمذهبه في العقيدة صراحة في مؤلفاته، ولم يؤلف في باب العقيدة، ولم تذكر المصادر القديمة التي ترجمت له شيئا عن عقيدته، إلا السخاوي حيث نقل عن محمد بن عبد الهادي المقدسي قوله كان محبا للشيخ تقي الدين ابن تيمية، معظما له، جاريا في أصول الدين على قاعدة المحدثين، بينما ينسبه عدد من المعاصرين للأشاعرة، كون المذهب السائد في العصر المملوكي.

هو المذهب الأشعري، وكونه يميل في فتح الباري إلى تأويل الصفات، بينما خالف ابن حجر الأشاعرة في مسائل في العقيدة مثل مبدأ القصد والنظر، وأول الواجب على المكلف، وذمه لعلم الكلام، لذلك اختلف المعاصرون في المذهب العقدي لابن حجر، فجزم أحمد عصام الكاتب أنه أشعري العقيدة، وينسبه أغلب الأشاعرة إلى المذهب، بينما يرى سفر الحوالي أنه أقرب إلى عقيدة مفوضة الحنابلة، فيقول والذي أراه أن الحافظ أقرب شيء إلى عقيدة مفوضة الحنابلة كأبي يعلى ونحوه، ممن ذكرهم شيخ الإسلام في درء تعارض العقل والنقل ووصفهم بمحبة الآثار، والتمسك بها، ولكنهم وافقوا بعض أصول المتكلمين، وتابعوهم ظانين صحتها عن حسن نية، ويرى محمد إسحاق كندو أنه وافق الأشاعرة في مسائل وخالفهم في مسائل، وقضى الحافظ ابن حجر حياته كلها في طلب العلم.

وقام بالعديد من الرحلات العلمية في ديار الإسلام ليحصل مقاصد الرحلة في طلب الحديث والفوائد المرجوة منها، وهذه الرحلات منها رحلات داخل مصر ومنها رحلات خارجها شملت بلاد الحجاز، واليمن، والشام وغيرها، فكان ابن حجر لا يألو جهدا في الرحلة إلى طلب العلم وتحصيله، مهما كلفه ذلك من بعد عن أهله وأولاده وأصحابه، ومهما عانى من سفره من تعب ونصب، وكانت أولى رحلات ابن حجر العلمية في سنة سبعمائة وثلاثة وتسعون من الهجرة، عندما كان في العشرين من عمره، حيث رحل إلى قوص وغيرها من بلاد الصعيد، لكنه لم يستفد بها شيئا من المسموعات الحديثية، بل لقي جماعة من العلماء، منهم قاضي هو نور الدين علي بن محمد الأنصاري، وعبد الغفار بن أحمد بن عبد الغفار بن نوح، حفيد مصنف “الوحيد في سلوك طريق أهل التوحيد”

وابن السراج قاضي قوص، لقيه بها مع جماعة من أهل الأدب، سمع من نظمهم، وفي أواخر سنة سبعمائة وثلاثة وتسعون من الهجرة، شد ابن حجر رحاله إلى الإسكندرية، فأقام بها إلى أن تمت السنة المذكورة، ودخل في التي تليها عدة أشهر، وبها التقى بمجموعة من المحدثين والمسندين منهم التاج ابن الخرّاط، وابن شافع الأزدي، وابن الحسن التونسي، والشمس الجزري، وقد أورد ابن حجر ما لقيه من العلماء وما سمعه منهم وما وقع له من النظم والمراسلات وغير ذلك في كتاب سماه الدرر المضية من فوائد إسكندرية، وبعد أن رجع ابن حجر من الإسكندرية، أقام بمصر إلى يوم الخميس الموافق الثاني والعشرين من شهر شوال سنة سبعمائة وتسع وتسعون من الهجرة، وهو اليوم الذي خرج فيه قاصدا أرض الحجاز عن طريق البحر، حيث كانت الحجاز.

هي أحد مقاصد الحافظ ابن حجر في رحلاته فقصدها مرات عدة للحج والمجاورة بمكة الشريفة والاجتماع بعلمائها، وكانت المرة الأولى سنة سبعمائة وسبعة وسبعون من الهجرة، حيث صحب أبوه في حجته ومجاورته وكانت المرة الثانية مع وصيه زكي الدين الخروبي وكان عام سبعمائة وأربعة وثمانون من الهجرة، فحجا وجاورا وصلى بالناس سنة سبعمائة وخمسة وثمانون من الهجرة، وسمع غالب صحيح البخاري على الشيخ عفيف الدين النشاوري، وفي سنة سبعمائة وتسع وتسعون من الهجرة، سافر إلى الحجاز عن طريق البحر بقصد المجاورة بمكة المشرفة، فوصل الطور يوم الأحد ثاني ذي القعدة وبها التقى عددا من العلماء منهم نجم الدين المرجاني، والصلاح الأقفهسي، والرضا الزبيدي، ثم توجه إلى ينبع فدخلها يوم الجمعة الموافق الثالث عشر من شهر ذو الحجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى