مقال

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 6″ 

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام إبن حجر العسقلاني ” جزء 6″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء السادس مع الإمام إبن حجر العسقلاني، فلقى بها بعض من قرأ عليه أحاديث من الترمذي، ورافقه في هذه الرحلة الحافظ صلاح الدين أبو الصفاء الأقفهسي، والرضي أبو بكر بن أبي المعالي الزبيدي القحطاني، ولقي خلال رحلته العلامة الزاهد نجم الدين المرجاني وقرأ عليه حديثا، وبعد رحلته الاولى إلى اليمن قصد مكة وحج حجة الإسلام سنة ثماني مائة من الهجرة، وهي الثالثة وحج أيضا سنة ثماني مائة وخمسة من الهجرة، وبعد رحلته الثانية إلى اليمن عاد إلى جدة وقرأ بها عشرة أحاديث انتقاها من أربعين الحاكم على أبي المعالي عبد الرحمن الشيرازي، وفي سنة ثماني مائة وخمسة عشر من الهجرة، اجتمع به هناك جماعة من فضلاء مكة وأعيانها، فقرؤوا عليه، وحملوا عنه بعض تصانيفه، وأذن لهم بالرواية عنه، وفي سنة ثماني مائة وأربعة وعشرون من الهجرة.

 

حج حجته الاخيرة وأقام بالمدرسة الأفضلية وقد أنزله بها قاضي مكة المحب بن ظهيرة، وأما عن آراؤه في العقيدة والأصول، فكان في الصفات يرى ابن حجر إما التفويض أو التأويل في مسائل الصفات، فيقول أحدهما يقول لا نؤول شيئا منها، بل نقول الله أعلم بمراده، والآخر يؤول فيقول مثلا، معنى الاستواء الاستيلاء، واليد القدرة، ونحو ذلك، ولكنه يرى عدم وجوب التأويل، ويروي عن الجويني قوله ذهب أئمة السلف إلى الانكفاف عن التأويل، وإجراء الظواهر على مواردها، وتفويض معانيها إلى الله تعالى، ويقول وقال ابن المنير وجه الاستدلال على إثبات العين لله من حديث الدجال من قوله “إن الله ليس بأعور” من جهة أن العور عرفا عدم العين وضد العور ثبوت العين، فلما نزعت هذه النقيصة لزم ثبوت الكمال بضدها وهو وجود العين، وهو على سبيل التمثيل والتقريب.

 

للفهم لا على معنى إثبات الجارحة، قال ولأهل الكلام في هذه الصفات كالعين والوجه واليد ثلاثة أقوال أحدها أنها صفات ذات أثبتها السمع ولا يهتدي إليها العقل، والثاني أن العين كناية عن صفة البصر، واليد كناية عن صفة القدرة، والوجه كناية عن صفة الوجود، والثالث إمرارها على ما جاءت مفوضا معناها إلى الله تعالى، وقال الشيخ شهاب الدين السهروردي في كتاب العقيدة له أخبر الله في كتابه وثبت عن رسوله الاستواء والنزول والنفس واليد والعين، فلا يتصرف فيها بتشبيه ولا تعطيل، إذ لولا إخبار الله ورسوله ما تجاسر عقل أن يحوم حول ذلك الحمى، وقال الطيبي هذا هو المذهب المعتمد وبه يقول السلف الصالح، وقال غيره لم ينقل عن النبي صلي الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه من طريق صحيح التصريح بوجوب تأويل شيء من ذلك، ولا المنع من ذكره.

 

ومن المحال أن يأمر الله نبيه بتبليغ ما أنزل إليه من ربه، وينزل عليه قوله تعالي ” اليوم أكملت لكم دينكم” ثم يترك هذا الباب فلا يميز ما يجوز نسبته إليه، مما لا يجوز مع حضه على التبليغ عنه بقوله “ليبلغ الشاهد الغائب” حتى نقلوا أقواله وأفعاله وأحواله وصفاته وما فعل بحضرته، فدل على أنهم اتفقوا على الإيمان بها على الوجه الذي أراده الله منها، ووجب تنزيهه عن مشابهة المخلوقات بقوله تعالى ” ليس كمثله شيء” فمن أوجب خلاف ذلك بعدهم فقد خالف سبيلهم، وكذلك فوض معنى الاستواء وحديث نزول الله تعالي إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل، حيث قال عن الاستواء في مقدمة فتح الباري “هو من المتشابه الذي يفوض علمه لله تعالى” وأما عن علم الكلام، فكان ابن حجر يرى عدم الخوض في الكلام، ونقل الأقوال التي تؤيد قوله، فكان مما قاله.

 

“ويكفي في الردع عن الخوض في طرق المتكلمين ما ثبت عن الأئمة المتقدمين كعمر بن عبد العزيز ومالك بن أنس والشافعي، وقد قطع بعض الأئمة بأن الصحابة لم يخوضوا في الجوهر والعرض وما يتعلق بذلك من مباحث المتكلمين، فمن رغب عن طريقهم فكفاه ضلالا” وقال وأفضى الكلام بكثير من أهله إلى الشك، وببعضهم إلى الإلحاد وببعضهم إلى التهاون بوظائف العبادات، وسبب ذلك إعراضهم عن نصوص الشارع وتطلبهم حقائق الأمور من غيره، وليس في قوة العقل ما يدرك ما في نصوص الشارع من الحكم التي استأثر بها، وقد رجع كثير من أئمتهم عن طريقهم” وأما عن انتقاد دخول الفلسفة في الدين، فإنه يرى ابن حجر أن دخول الفلسفة الإغريقية في الدين، واعتمادها من بعض المتكلمين أدى لظهور الكثير من البدع، حيث قال في شرحه لحديث “وشر الأمور محدثاتها، وكل مُحدثة بدعة”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى