مقال

الدكرورى يكتب عن الأوابين إلي الله ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكرورى يكتب عن الأوابين إلي الله ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

إن العباد إذا نزلت بهم الشدائد فإنهم سرعان ما يقنطون، والله جعل لكل أجل كتابا، وجعل لهذا الهم نهاية، ولهذا الكرب تفريجا ولكن العباد يستعجلون، والله سبحانه يعجب ويضحك من قنوطهم ومن قرب فرجه، وكتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح يقول “مهما ينزل بامرئ من شدة يجعل الله له بعدها فرجا، وإنه لن يغلب عسر يسرين” ولقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم أروع المثل في العفو والتصافح ، والتجاوز والتسامح، والإعراض عن الجاهلين، والإحسان إلى الغافلين، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ” استأذن رهط من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك، أى الموت عليك، فقلت بل عليكم السام واللعنة، فقال صلى الله عليه وسلم ” يا عائشة إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ” قلت أو لم تسمع ما قالوا ؟ قال ” قلت وعليكم ” رواه البخارى ومسلم.

وقد كذبه قومه واتهموه بالأباطيل والأكاذيب وطردوه من بلده وأخرجوه من أهله، وعفى عنهم صلى الله عليه وسلم، وإن الله تعالى راغب فى التوبة والمغفرة لهم إن هم أقبلوا عليه يستغفرونه، وأورد الله سبحانه الكثير من الآيات القرآنية التى تحث العباد على الاستغفار، وتذكرهم بفضله عليهم، وقال الله تعالى فى كتابه الكريم ” ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما” وأول فضل للاستغفار على صاحبه أنه سبب لتكفير الذنوب والسيئات، وسبب في دفع العقوبة والبلاء، وجلب الخير والسعادة والرزق الحسن في الدنيا لصاحبه، ومن ثمرات الاستغفار النجاة من النار يوم القيامة، وعلو الدرجات في الجنات كذلك، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ” طوبى لمن وُجد في صحيفته استغفار كثير” ومن فضائل الاستغفار أيضا أن المستغفرين تشملهم رحمة الله سبحانه.

وكذلك فإنها تهلك الشيطان الذي ورد أن يشتكي المستغفرين إذ أهلكوه باستغفارهم، والاستغفار ييسّر لصاحبه الحلول والخروج من المشاكل العظيمة إذا أحاطت به، فشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كان إذا داهمته مسألة، أو مشكلة، واستعصت عليه، ولم يجد لها حلا، فإنه يلجأ إلى الاستغفار، ويلوذ به حتى يفتح الله تعالى له، والاستغفار يزيل عن صاحبه الهموم والغموم والضيق والكرب، فإنها تجمتع على القلب بسبب المعاصي والذنوب، فإن عالجها الإنسان بالاستغفار زالت همومه وغمومه بإذن الله تعالى، ويكون استغفار العبد أقرب ما يكون إلى قبول الله تعالى له، وإجابته إذا تحيّن العبد بعض الآداب والأوقات المخصوصة لاستغفاره، وكذلك الحرص على حضور قلب وخشوعه أثناء استغفار العبد، وألا ينشغل بأمر من أمور الدنيا أثناء استعفاره بين يدي ربه تعالى.

والاستغفارمن كل الذنوب كبيرها وصغيرها، خطئها وعمدها، مع عدم استحضار ذنوبه ومعاصيه، وكذلك الندم على ما قدمت يداه من ذنوب ومعاص، فإن الندم من شروط صحة التوبة، وأيضا الاعتراف بالتقصير والخطأ عند استغفار العبد بين يدى ربه، مع الندم واستشعار عظم الذنب، وكذلك استحضار سوء عاقبة الذنوب والمعاصي لأنها تؤدى بالعبد إلى المهالك، فيستجير من عقاب الله تعالى، وتحيّن بعض الأوقات الوارد في فضلها وقبول الاستغفار فيها، ومن تلك الأوقات المذكورة في الاحاديث الشريفة هو أن الاستغفار بعد قضاء الفرائض أو العبادات بشكل عام، فإن ذلك أدعى أن يتمم أى غفلة أو نقص حدث أثنائها، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يستغفر بعد صلاته ثلاثا، ولقد أمر الله تعالى عباده الحجيج أن يستغفروا ربهم بعد نفورهم من عرفات لتسديد أى خطأ وقع.

فقال الله تعالى ” ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم” والاستغفار من الذنوب والمعاصى في قيام الليل أو بعده، وخاصة وقت السحر الذى ذكره الله سبحانه مرارا فى القرآن الكريم لعظيم فضله، فقال تعالى ” وبالأسحار هم يستغفرون” والاستغفار عند القيام من المجالس، فقد يكثر فيها اللغو والذنوب، حيث قال النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ” مَن جلس في مجلس كثر فيه لغطه، ثم قال قبل أن يقوم سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك، ويستحب للعبد أن يأتي بصيغ الاستغفار الصحيحة التي ذكرها الله تعالي في القرآن الكريم أو التي وردت فى السنة النبوية عن النبى عليه الصلاة والسلام، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر الصديق رضي الله عنه إذ سأله عن ما يدعو به في صلاته فقال له “اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا، ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي من عندك مغفرة، إنك أنت الغفور الرحيم”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى