مقال

الدكروري يكتب عن الإمام حمزة الزيات ” جزء 1″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام حمزة الزيات ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام حمزة الزيات ابن عمارة بن إسماعيل الإمام القدوة شيخ القراءة، هو حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل الكوفي وكان يكنى بأبي عمارة، وكان مولى آل عكرمة بن ربعي، ولد سنة ثمانون من الهجرة، وتم تلقيبه بالزيات لأنه كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة، وقد أدرك الصحابة بالسن، ولعله رأى بعضهم، وقد توفي سنة مائة وست وخمسين من الهجرة بحلوان وكان عمره ست وسبعون عاما، والإمام الزيات هو أحد القراء السبعة، وتصدر للإقراء مدة، كان إماما حجة، ثقة ثبتا، قيِّما بكتاب الله تعالى، حافظا للحديث، بصيرا بالفرائض والعربية، عابدا زاهدا، خاشعا قانتا ورعا عديم النظير، صار أكثر أهل الكوفة في زمنه إلى قراءته، وكان يقرئ عام بالكوفة، وعام في حلوان، وقد آلت إليه الإمامة في القراءة بعد عاصم.

وكان يقول ما قرأت حرفا إلا بأثر، وقال عنه سفيان الثوري هذا ما قرأ حرفا من كتاب الله عز وجل إلا بأثر، وقيل أنه كان الأعمش إذا رأى حمزة قد أقبل قال هذا حبر القرآن، وقال عنه ذات مرة ذاك تفاحة القراء وسيد القراء، وكان أحد القراء السبعة، وعنه أخذ أبو الحسن الكسائي القراءة، وأخذ هو عن الأعمش، وهو سادس القراء العشر، وقال يحيى بن معين سمعت محمد بن الفضل يقول ما أحسب أن الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلا بحمزة، وقال له أبو حنيفة النعمان ذات مرة شيئان غلبتنا عليهما، لسنا ننازعك فيهما القرآن والفرائض، وقال جرير وددت أن أستطيع أصنع ما يصنع حمزة سيِّدنا وسيِّد القراء، وقال الكسائي لأحدهم وهو يصف حمزة الزيات إمام من أئمة المسلمين، وسيد القراء والزهاد، لو رأيته لقرت عينك به من نسكه، وكان الكسائي يفتخر به.

ويسميه أستاذي، ويجله ويرفع قدره، وقد قرأ عليه القرآن أربع مرات، وقد كان حمزة يقرأ في كل شهر خمسا وعشرين ختمة، ولم يلقه أحد قط إلا وهو يقرأ، وقال عنه الإمام الشاطبي في منظومته وحمزة ما أزكاه من مُتورع اماما صبورا للقران مُرتلا، وعن خلف بن هشام البزاز قال‏،‏ قال لي سليم بن عيسى‏، دخلت على حمزة بن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه في الأرض ويبكي فقلت‏‏ أعيذك بالله فقال‏‏ رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت، وقد دعي بقراء القرآن، فكنت فيمن حضر، فسمعت قائلا يقول بكلام عذب‏‏ لا يدخل علي إلا من عمل بالقرآن، فرجعت القهقرى فهتف باسمي‏‏ أين حمزة بن حبيب الزيات فقلت‏ لبيك داعي الله فبدرني ملك فقال قل‏ لبيك اللهم لبيك، فقلت كما قال لي، فأدخلني دارا فيها ضجيج القرآن، فوقفت أرعد، فسمعت قائلا يقول‏‏ لا بأس عليك.

اقرأ وأرق، فأدرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در أبيض دفتاه من ياقوت أصفر، مراقيه من زبرجد أخضر، فقال لي‏ اقرأ سورة الأنعام،‏ فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ حتى بلغت الستين آية فلما بلغت‏ قوله تعالي “‏وهو القاهر فوق عباده‏” قال لي‏‏ يا حمزة ألست القاهر فوق عبادي؟ فقلت‏ بلى قال‏ صدقت، اقرأ فقرأت حتى أتممتها فقال لي‏ اقرأ فقرأت الأعراف حتى بلغت آخرها وأومأت إلى الأرض بالسجود فقال لي‏ حسبك ما مضى لا تسجد يا حمزة، من أقرأك هذه القراءة؟ فقلت‏‏ سليمان فقال‏ صدقت من أقرأ سليمان؟ قلت‏‏ يحيى، قال‏‏ صدق يحيى على من قرأ يحيى؟ فقلت‏ على أبي عبد الرحمن السلمي، قال‏‏ صدق أبو عبد الرحمن السلمي، من أقرأ أبا عبد الرحمن؟ فقلت‏‏ ابن عم نبيك علي، فقال‏ صدق علي، فمن أقرأ عليا؟ قلت‏‏ نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، قال‏‏ ومن أقرأ نبيي؟

قال‏‏ قلت جبريل عليه السلام، قال‏‏ ومن أقرأ جبريل؟ فسكت، فقال لي‏‏ يا حمزة قل أنت، فقلت‏‏ ما أجسر أن أقول أنت، فقال‏ قل أنت، فقلت‏‏ أنت، فقال‏‏ صدقت يا حمزة، وحق القرآن لأكرمن أهل القرآن لا سيما إذا عملوا بالقرآن، يا حمزة القرآن كلامي وما أحب أحدا كحبي أهل القرآن، ادنو يا حمزة، فدنوت، فضمخني بالغالية وقال‏‏ ليس أفعل بك وحدك قد فعلت ذلك بنظرائك بمن فوقك ومن دونك ومن قرأ القرآن كما أقرأته، لم يزد بذلك غيري، وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر، فأعلم أصحابك مكاني من حبي لأهل القرآن وفعلي بهم، فهم المصطفون الأخيار، يا حمزة، وعزتي وجلالي لا أعذب لسانا تلى القرآن بالنار، ولا قلبا وعاه، ولا أذنا سمعته، ولا عينا نظرته، فقلت‏‏ سبحانك سبحانك أي رب، فقال‏‏ يا حمزة أين نظار المصاحف؟ فقلت‏‏ يا رب أفحفاظ هم؟ قال‏ لا ولكني أحفظه لهم حتى يوم القيامة، فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى