مقال

الدكروري يكتب عن إغتنام أيام الخير ” جزء 3″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن إغتنام أيام الخير ” جزء 3″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثالث مع إغتنام أيام الخير، وإن هم بها فعلمها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات إِلَى سبعمائة ضعف إِلى أضعاف كثيرة، هذا ما أخبرنا به الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، وكما أن التفكر في الخير وإعمال الخاطر فيه دافع إِلى اغتنام أعمال الخير والتزوج منها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال التفكر في الخير يدعوا إِلى العمل به، والندم على الشر يدعوا تركه، فليكن فكرك مشغولا دائما بفعل الخير وأجر صاحبه، وآثاره الحميدة التى تعود إليك، وفي المقابل على المرء أن يتندم ويتأسف على ما وقع منه من خطيئة وما عمل من سوء، فكفى بذلك رادعا عن ارتكاب الآثام، قال ليس مؤمن ولا كافر عمل خيرا ولا شرا في الدنيا إِلا أراه الله تعالى إياه، فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته، فيغفر الله من سيئاته ويثيبه بحسناته.

 

وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته، فيرد حسناته ويعذبه بسيئاته، وأن صاحب الخير في هذه الدنيا وفي هذه المواسم المباركة خاصة، فإنه خير من تصاحبه وترافقه، فعن حاتم الأصم رحمه الله قال ورأيت لكل رجل صديقا يفشي إليه سرا ويشكوا إليه، فصادقت الخير، ليكون معي في الحساب ويجوز معي الصراط، فأكثر دوما من الخير إِنه هو النور في القبر لمن مات يحصل، وكن عبد الله مفتاحا للخير مغلاقا للشر، فالناس صنفان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن من علامات رضا الله عن العبد أن يجعله مفتاحا للخير فإن رؤي ذكر الله برؤيته وهو يتقلب في الخير، يعمل الخير وينطق بخير، ويفكر في خير، ويضمر خيرا، فهو مفتاح الخير حسبما حضر، وسبب الخير لكل من صحبه، والآخر يتقلب في شر ويعمل شرا وينطق بشر، ويفكر في شر.

 

ويضمر شرا فهو مفتاح الشر، واعلم عبد الله أن إيمان العبد لا يكمل إِلا بتمني الخير لغيره من المسلمين، وما أعظم أن يكون المؤمن دليلا على فعل الخير، ليحظى بذلك الجزاء الوافر، وأنفع ما يقدمه المرء للناس إرشادهم وتعليمهم وبذل النصح لهم، ودلالتهم على فعل الخيرات، وحثهم على استثمار الأوقات، وتشجيعهم على اغتنام القربات، وسل الله الثبات على الدين وادعه أن يجعلك ممن يلزم طاعته وتقواه، واستعذ بالله أن يردك على عقبيك فتترك الخير وتنقطع عنه، وتفعل الشر وتميل إليه نفسك، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال ولا تأمن لرجل أن يكون على خير فيرجع إِلى شر فيموت بشر، ولا تيئس من رجل يكون على شر فيرجع إِلَى خير، فيموت بخير، ولهذا يجب أن نحاسب أنفسنا، يجب أن نحاسب أنفسنا على التفريط في جنب الله.

 

وندعو ربنا أن يثبتنا على فعل الخير حتى الممات، تأمل في قوله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وما تفعلوا من خير يعلمه الله” فهي تبعث في نفس العبد راحة وفي قلبه طمأنينة، ذلك أن المحسن إِلَى الخلق المخلص في ذلك لا ينتظر تقديرا ولا ثناء من الخلق، فإنه متى فعل الخير وأيقن بأن ربه يعلمه علما يثيب عليه هان عليه ما يجده من جحود نكران بعض الناس، للجميل الذى أسداه والمعروف الذى صنعه، فاعلم يا باغي الخير أن مفهوم الخير واسع وليس محصورا، فهو اسم شامل لكل ما ينتفع به المرء عاجلا أو آجلا، إِنها أيام وليالى إعتاق الرقاب وقبول المتاب ومضاعفة الحسنات، ورفعة الدرجات، فهلموا وأروا الله من أنفسكم خيرا في مواسم الخيرات، ولا تفرطوا في أوقاتها، فالعاقل لا يزهد في اكتساب الأعمال الصالحات.

 

ولا يسوف ولا يتأخر في اغتنام القربات بل يلزم اليقظة ويتدارك ما فات، وعلى المسلم أن يتحرى الخيرات ويستكثر منها حتى يعتاد إليها، وتصير له سجية في النفس وعادة في الطبع، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال عودوا أنفسكم الخير، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” الخير عادة والشر لجاجة ومن يرد الله به خيرا يفقهه فى الدين” والمسلم مأمور بأن يطلب الخير في دهره كله، لكنه مطلوب منه أن يجد ويعزم على استغلال الأيام الفاضلة، كفرصة هذا الشهر العظيم الذى انقضى الذى تفتح فيه أبواب الجنة، فما على المشمرين إِلا أن يقبلوا، وما على المتسابقين إِلا أن يبادروا، وقد تيقن المفلحون أن من الغبن والحرمان أن يحرم المرء فضل هذا الشهر، فهو زمن ليس كغيره من الأزمان كما قال ابن الجوزى رحمه الله شهر رمضان بين الشهور كيوسف بن إخوته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى