مقال

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 2″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الإمام أبو حامد الغزّالي ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام أبو حامد الغزّالي، ولم يستطع الصوفي الإنفاق عليهما، عند ذلك قال لهما اعلما أني قد أنفقت عليكما ما كان لكما، وأنا رجل من الفقر والتجريد بحيث لا مال لي فأواسيكما به وأصلح ما أرى لكما أن تلجئا إلى مدرسة كأنكما من طلبة العلم فَيحصل لكما قوت يعينكما على وقتكما، ففعلا ذلك وكان هو السبب في علو درجتهما، وكان الغزالي يحكي هذا ويقول “طلبنا العلم لغير الله فأبى أن يكون إلا لله” وابتدأ الإمام الغزالي في طلبه للعلم في صباه عام ربعمائة وخمس وستين من الهجرة، فأخذ الفقه في طوس على يد الشيخ أحمد الراذكاني، ومدينة طوس التاريخية، هو حاليا مکان قريب من مدينة مشهد في إيران، ثم رحل إلى جرجان وطلب العلم على يد الشيخ الإسماعيلي وهو أبو النصر الإسماعيلي بحسب تاج الدين السبكي.

 

بينما يرى الباحث فريد جبر أنه إسماعيل بن سعدة الإسماعيلي وليس أبا النصر لأنه توفي سنة ربعمائة وثماني وعشرين من الهجرة، قبل ولادة الغزالي، وقد علق عليه التعليقة أي دوّن علومه دون حفظ وتسميع، وفي طريق عودته من جرجان إلى طوس، واجهه اللصوص قطاع الطرق، حيث يروي الغزالي قائلا “قطعت علينا الطريق وأخذ العيّارون جميع ما معي ومضوا فتبعتهم فالتفت إليّ مقدمهم وقال ارجع ويحك وإلا هلكت، فقلت له أسألك بالذي ترجو السلامة منه أن ترد علي تعليقتي فقط فما هي بشيء تنتفعون به” فقال لي وما هي تعليقتك فقلت كتبت في تلك المخلاة هاجرت لسماعها وكتابتها ومعرفة علمها، فضحك وقال كيف تدّعي أنك عرفت علمها وقد أخذناها منك فتجردت من معرفتها وبقيت بلا علم؟ ثم أمر بعض أصحابه فسلم إِليّ المخلاة” وبعد ذلك قرّر الغزالي الاشتغال بهذه التعليقة.

 

وعكف عليه ثلاث سنوات من عام ربعمائة وسبعين من الهجرة، إلي عام ربعمائة وثلاثة وسبعين من الهجرة، حتى حفظها، وفي عام ربعمائة وثلاثة وسبعين من الهجرة، رحل الغزالي إلى نيسابور ولازم إِمام الحرمين أبو المعالي الجويني وهو إمام الشافعية في وقته، ورئيس المدرسة النظامية، فدرس عليه مختلف العلوم، من فقه الشافعية، وفقه الخلاف، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والمنطق، والفلسفة، وجد واجتهد حتى برع وأحكم كل تلك العلوم، ووصفه شيخه أبو المعالي الجويني بأنه بحر مغدق، وكان الجويني يُظهر اعتزازه بالغزالي، حتى جعله مساعدا له في التدريس، وعندما ألف الغزالي كتابه المنخول في علم الأصول، قال له الجويني دفنتني وأنا حيّ، هلا صبرت حتى أموت؟ وعندما توفي أبو المعالي الجويني عام ربعمائة وثماني وسبعين من الهجرة.

 

خرج الغزالي إلى العسكر أي عسكر نيسابور، قاصدا للوزير نظام الملك وهو وزير الدولة السلجوقية، وكان له مجلس يجمع العلماء، فناظر الغزالي كبار العلماء في مجلسه وغلبهم، وظهر كلامه عليهم، واعترفوا بفضله، وتلقوه بالتعظيم والتبجيل، وكان الوزير نظام الملك زميلا للغزالي في دراسته، وكان له الأثر الكبير في نشر المذهب الشافعي في الفقه، والعقيدة الأشعرية السنية، وذلك عن طريق تأسيس المدارس النظامية المشهورة، وقد قبل الغزالي عرض نظام الملك بالتدريس في المدرسة النظامية في بغداد، وكان ذلك في جمادى الأولى عام ربعمائة وأربعة وثمانين من الهجرة، ولم يتجاوز الرابعة والثلاثين من عمره، ووصل الغزالي إلى بغداد في جمادى الأولى سنة ربعمائة وأربعة وثمانين من الهجرة، في أيام الخليفة المقتدي بأمر الله العباسي، وقام بالتدريس بالمدرسة النظامية.

 

حتى أعجب به الناس لحسن كلامه وفصاحة لسانه وكمال أخلاقه، وأقام على التدريس وتدريس العلم ونشره بالتعليم والفتيا والتصنيف مدة أربعة سنوات، حتى اتسعت شهرته وصار يُشدّ له الرّحال، وتم تلقيبه يومئذ بالإمام، وذلك لمكانته العالية أثناء التدريس بالنظامية في بغداد، ولقّبه نظام الملك بزين الدين وشرف الأئمة، وكان يدرّس أكثر من ثلاثمائة من الطلاب في الفقه وعلم الكلام وأصول الفقه، وحضر مجالسه الأئمة الكبار كابن عقيل وأبي الخطاب وعبد القادر الجيلاني وأبي بكر بن العربي، حيث قال أبو بكر بن العربي عنه رأيت الغزالي ببغداد يحضر درسه أربعمائة عمامة من أكابر الناس وأفاضلهم يأخذون عنه العلم، وانهمك الغزالي في البحث والاستقصاء والرد على الفرق المخالفة بجانب تدريسه في المدرسة النظامية، فقام بتأليف كتابه مقاصد الفلاسفة، يبيّن فيه منهج الفلاسفة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى