مقال

الدكروري يكتب عن أحكام وفتاوي الصيام ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن أحكام وفتاوي الصيام ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الخامس مع أحكام وفتاوي الصيام، وقيل إن هذا مخصوص بالنذر، وقيل إنه يعم الصيام الواجب أيضا صيام الفرض، وأما المسافر فإنه يجوز له الإفطار مهما كان السفر، سواء كان طويلا، أم قصيرا، فيه مشقة، أو ليس فيه مشقة، مشيا على الأقدام، أو راكبا، ونحو ذلك فإنه يفطر بنص كتاب الله عز وجل إذا أراد ذلك، ولكن هل الأفضل الصيام للمسافر أم الإفطار؟ فإن الأفضل له أن يفطر إذا كان هناك مشقة عليه، وإذا لم يكن مشقة وأراد أن يصوم لأنه أسرع فى تبرئة الذمة فلا حرج، وخصوصا عندما يسافر قبل المغرب بقليل، فهذا إذا أفطر سيكون أشق عليه لأنه لا بد أن يقضي يوما بدلا منه، ما دام ما بقى على المغرب إلا القليل فيكمله فإذا شق عليه الصوم في السفر فهو يخالف السنة إذا صام، إذا شق عليه في السفر، ولذلك من ذهب لأداء العمرة.

فوصل مكة في نهار رمضان، فكان إما أن يفطر ليتقوى على أداء العمرة، وإما أن يؤخر العمرة إلى الليل، ويكمل الصيام، والأفضل الإفطار وأداء العمرة لأن الرسول الله صلى الله عليه وسلم، كان يبادر إلى أداء العمرة، أول ما يدخل مكة يتجه مباشرة نحو الحرم ويؤدى العمرة، ولا يوقف الراحلة إلا عند الباب، ويدخل ويعتمر، فبعض الناس يقولون نكمل الصيام أفضل ونؤخر العمرة، وهذا جائز، ولكن الأفضل أن يبادر بالعمرة ولو أفطر،لأنه مسافر ويفطر من اعتاد السفر كالتاجر الذى يجلب الطعام، وصاحب السيارة وهى سيارة الأجرة، والبريد الذى يسافر في مصالح المسلمين، والملاح الذى له سكن في البر، أما إذا كان سكنه فى السفينة فإنه يصوم، وأهل البادية كالأعراب، فإنه يجب عليهم الصيام فى مضاربهم، فإذا كانوا من النوع الذى ينتقل بين المشتى والمصيف.

فإذا وصلوا المشتى صاموا في المشتى، وإذا وصلوا المصيف صاموا فى المصيف، ولا يفطرون إلا فى الانتقال بينهما، ولا يجوز لراعى الغنم أن يفطر لمجرد رعى الغنم فإن عليه أن يصوم، مجرد رعى الغنم ليس عذرا فى الإفطار، وأما بالنسبة للمسافرين إلى الخارج الذين يريدون الإقامة هناك مدة معينة حتى ينتهي غرضهم كالمبتعثين إلى الخارج، الذين يجلسون سنة، أو سنتين، أو ثلاث، وأربع ونحو ذلك ليعودوا بعد ذلك إلى وطنهم فقد اختلف أهل العلم فيمن هذا حاله، فقال بعضهم وهم الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إنهم مقيمون فى تلك البلاد، وإن عليهم الصيام كما على المسلمين فى تلك البلاد، وقال بعض أهل العلم إن السفر ليس محدودا بعدد من الأيام معين، أو مدة معينة، فإنه ما دام لم ينو الإقامة هناك فإن له أن يفطر، والأحوط الأخذ بقول الجمهور والأئمة الأربعة فى هذا الموضوع.

وكذلك فإنه يحصل بذلك تلاعب، فتجد البعض يقيم في تلك البلاد خمس سنوات مثلا، ويقول أنا سأذهب للدراسة، ولا يصوم فى رمضان فتتراكم عليه رمضانات ولا يقضيها، ثم يرجع ولذلك فإن أهل العلم الذين قالوا إذا نوى الإقامة في بلد أكثر من أربعة أيام يجب عليه الصوم، ولا يقصر الصلاة، ولا يترخص برخص المسافر إذا نوى أن يقيم فى بلد أكثر من أربعة فإن قولهم هو الأحوط ويأخذ المسلم به، لكن طالب العلم لو درس وتبين له الاحتمال الآخر فلا حرج عليه أن يأخذ به، ولكن بالنسبة للعامة أو بالنسبة للذى لم يتبين له الحق في المسألة فيأخذ بالأحوط ويعمل به، فأما إذا كان سيجلس في البلد أربعة أيام وأقل ثلاثة أو يومين فإنه يجوز له أن يفطر، وإذا قدم المسافر فى أثناء يوم إلى البلد التى هو مقيم فيها وجب عليه الإمساك مع أهل البلد وقال بعضهم أنه لا يجب عليه.

لكن القضاء يجب فى جميع الحالات، والأحوط أن لا يأكل شيئا، وإذا ترجح له وكان من طلبة العلم أنه لا يمسك فإن عليه عدم إظهار فطره أمام الآخرين حتى لا يتهم ولا يوقع فى عرضه، ولكن متى يفطر المسافر؟ فإنه ذهب بعض أهل العلم أنه يفطر بمجرد ركوب الراحلة ولو كان داخل البلد، واحتجوا بحديث أنس بن مالك وهو صحيح سندا، وقال بعضهم لا يفطر إلا إذا فارق البنيان وخرج من البلد، واحتجوا بحديث الصحيحين عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان خارج المدينة طبعا، ثم دعا بماء فرفعه وشرب، والأحوط عدم الإفطار إلا إذا خرج من البلد وفارق حدود البلد وبنيانه، وعلى ذلك فإذا كان المطار خارج البلد فإنه بمجرد خروجه من البلد في المطار يفطر ولا حرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى