مقال

الدكروري يكتب عن الإمام البغوي ” جزء 1″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام البغوي ” جزء 1″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

الإمام الحافظ البغوي هو إمام حافظ وفقيه ومجتهد، واسمه أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد الفراء البغوي، ويلقب أيضا بركن الدين ومحي السنة، وهو أحد العلماء الذين خدموا القرآن والسنة النبوية الإسلامية، دراسة وتدريسا، وتأليفا وأما عن تسمية الفراء فهو نسبة إلى عمل الفراء وبيعها، وأما عن البغوي فهو نسبة إلى بلدة يقال لها” بغ” وبغشور، وهي بلدة بخراسان بين مرو الروذ وهراة، وقد ولد الإمام الحافظ البغوي في بغثور وإليها نسبته وهى بليدة بين هراة ومروالروذ من بلاد خرسان أنجبت كثيرا من المحدثين والفقهاء وأهل العلم، ومعظم المصادر التي ترجمت له لم تشر إلى السنة التي ولد فيها، غير أن ياقوت الحموي قال في معجم البلدان إنه ولد سنة ربعمائة وثلاثة وثلاثين من الهجرة، أما الزركلي فأشار في الأعلام إلى أنه ولد سنة ربعمائة وست وثلاثين من الهجرة.

وجميع من ترجم له أرخوا أنه توفى سنة خمسمائة وستة عشر من الهجرة، سوى ابن خلكان فأرخ وفاته خمسمائة وعشرة من الهجرة، وقالوا إنه قد بلغ الثمانين أو تجاوزها، فيغلب الظن أنه ولد في أوائل العقد الرابع من القرن الخامس الهجري، وقال الذهبي في كتابه السير لا نعرف الكثير عن نشأته وحياته المبكرة، كما نجهل ما يتصل بأسرته وعدد أفرادها وذلك كله لأن المصادر التي ترجمت له لا تفصح عن ذلك، ولعل السبب في هذه الظاهرة أن أسرة الإمام البغوي لم يكن فيها من له باع طويل في ميدان العلم والفقه والكتاب والسنة، فيذكرون بتلك العلوم كما ذُكر، ويُشهرون بها كما شهر، علما بأن المدينة التي ولد بها ونشأ فيها وهي بلاد خراسان التي أنجبت كثيرا من العلماء، والإمام البغوي قد نشأ في أسرة فقيرة كما ينشأ أكثر العلماء في عصره، وخاصة أن المصادر.

تذكر أن أباه كان فراء يصنع الفراء ويبيعها، وكان البغوي يعتنق عقيدة أهل السنة والجماعة فشهادات العلماء ممن ترجم له، تشهد له بذلك فهو كما يقول ابن نقطة عنه انه إمام حافظ ثقة صالح، وهي من الدرجات العالية في التعديل والتقويم، ويقول الإمام الذهبي على منهاج السلف حلا وعقدا، ويتضح من هذه الأقوال أن عقيدته هي عقيدة أهل السنة والجماعة، وأما مذهبه فقد كان شافعيا بل من أئمة المذهب الشافعي، وقد اشتهر ذلك لدى العلماء وأكده من ترجم له، ومنهم ابن خلكان والذهبي والسبكي وغيرهم، وأما اختياره للمذهب الشافعي فبحكم البيئة التي نشأ بها والعلماء الذين تلقى عنهم ودرس عليهم الفقه، وقد دفعه حبه حرصه على المعرفة، وشغفه بالسنة أن يرحل في طلب العلم فرحل إلى مروالروذ ليلتقى بإمام عصره الحيسين بن محمد المروزى القاضى، فتتلمذ له وروى عنه.

وطاف بلاد بخراسان وسمع إلى كثير من علمائها وروى عنهم الصحاح، والسنن، والمسانيد، ودرس المذاهب الأربعة وخاصة مذهب الإمام الشافعي، وجالس علماء اللغة وحمل عنهم الكتب التي ألفت في غريب الحديث وفسر معانيه، ومن صفات الإمام الحافظ البغوي، قيل أنه كان له الكثير من المزايا مما كان له أثر كبير في ظفره بلقب الإمام ومحى السنة وشيخ الإسلام، وغيرها من الألقاب التي أطلقها عليه من ترجم له فاوضحوا انه كان حافظا للقرآن وملما لقراءاته، وعالما بما أثر عن الصحابة والتابعين في التفسير، وذو بصر تام بمذهب الإمام الشافعي وعالما بالخلاف بين المذاهب الأربعة، وهو من أئمة الحديث وحفاظه، وكان لا يتعصب لمذهب ولا يندد بغيره، وكان حريص على نشر علوم القرآن السنة، ويقول الإمام الذهبي في ترجمته الشيخ الإمام، العلامة القدوة الحافظ شيخ الإسلام.

مُحيي السنة أبو محمد الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء البغوي الشافعي المفسر صاحب التصانيف كشرح السنة ومعالم التنزيل والجمع بين الصحيحين، وأشياء، وكان البغوي يُلقب بمحيي السنة وبركن الدين، وكان سيدا إماما عالما علامة زاهدا وله القدم الراسخ في التفسير والباع المديد في الفقه، ويقول الداودي في كتابه طبقات المفسرين، عن البغوي أنه كان إماما في التفسير، إماما في الحديث، إماما في الفقه، جليلا ورعا زاهدا تفقَّه على القاضي حسين وهو أخص تلامذته، وسمع الحديث منه ومن أبي عمر عبد الواحد المليحي، وأبي الحسن الداودي، وأبي الحسن محمد بن محمد الشيرازي وغيرهم، وسماعاته بعد الستين وأربعمائة، وقد انتقل من موطن رأسه بغا إلى مرو الروذ، وكان عمره سبعة وعشرين عاما، فأقام بها وتلقى العلم على شيوخها واتخذها وطنا ثانيا له.

ولم يغادرها حتى توفي بها في شهر شوال سنة خمسمائة وعشرة للهجرة وقيل سنة خمسمائة وستة عشر وهو المرجح، ويعد البغوي إماما من أئمة أهل السنة والجماعة ورجلا من رجالات الحق والهدى، فبعقيدة السلف يؤمن وعلى مذهبهم يسير، وقد ترك كتباً متنوعة في التفسير والقراءات والحديث والفقه، فمن مؤلفاته أربعون حديثا، والأنوار في شمائل النبي المختار، وترجمة الأحكام في الفروع وهو باللغة الفارسية، والتهذيب في الفقه الشافعي، والجمع بين الصحيحين، وشرح الجامع للترمذي، وشرح السنة، وفتاوى البغوي، وفتاوى المروالروزي، والكفاية في الفروع، والكفاية في القراءة، والمدخل إلى مصابيح السنة، ومصابيح السنة، ومعالم التنزيل وهو التفسير الذي اشتهر به، ومعجم الشيوخ، ولا شك أن هذا التراث يدل على ثقافة واسعة، وثروة علمية كبيرة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى