مقال

الدكروري يكتب عن الإمام النووي ” جزء 2″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام النووي ” جزء 2″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الثاني مع الإمام النووي، وكان مُحققا في علمه وفنونه، مدققا حافظا لحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عارفا بأنواعه كلها، من صحيحه وسقيمه وغريب ألفاظه وصحيح معانيه واستنباط فقهه، كما صرف أوقاته كلها في أنواع العلم والعمل، فبعضها للتصنيف، وبعضها للتعليم، وبعضها للصلاة، وبعضها للتلاوة، وبعضها للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكان سريع الحفظ، وقد حفظ عدة كتب في فترة وجيزة، فنال إعجاب وحب أستاذه أبي إبراهيم إسحاق بن أحمد المغربي، فجعله مُعيد الدرس في حلقته، ثم درّس بدار الحديث الأشرفية، وغيرها، وقد حدّث تلميذه علاء الدين بن العطار على لسان النووي عن فترة التحصيل والطلب، أنه كان يقرأ كل يوم اثني عشر درسا على المشايخ شرحا وتصحيحا، درسين في الوسيط، وثالثا في المهذب، ودرسا في الجمع بين الصحيحين.

وخامسا في صحيح مسلم، ودرسا في اللمع لابن جني في النحو، ودرسا في إصلاح المنطق لابن السكيت في اللغة، ودرسا في الصرف، ودرسا في أصول الفقه، ودرسا في أسماء الرجال، ودرسا في أصول الدين، وكان يكتب جميع ما يتعلق بهذه الدروس من شرح مشكل وإيضاح عبارة وضبط لغة، وسمع منه خلق كثير من الفقهاء، وسار علمه وفتاويه في الآفاق، وانتفع الناس في سائر البلاد الإسلامية بتصانيفه، وأكبوا على تحصيل مؤلفاته، وسمع الإمام النووي من أبا الفرج عبد الرحمن بن أبي عمر، ومحمد بن أحمد المقدسي، وهو أجل شيوخه، وأبا إسماعيل بن أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر، وأبا العباس أحمد بن عبد الدائم، وأبا البقاء خالد النابلسي، وأبا محمد عبد العزيز بن عبد الله محمد بن عبد المحسن الأنصاري، والضياء بن تمام الحيصي، والحافظ أبا الفضل محمد بن محمد البكري.

وأبا الفضائل عبد الكريم بن عبد الصمد خطيب دمشق، وأبا محمد عبد الرحمن بن سالم بن يحيى الأنباري، وأبا زكريا يحيى بن الفتح الصيرفي الحراني، وأبا إسحاق إبراهيم بن علي بن أحمد بن فاضل الواسطي، وغيرهم. كما كان للإمام النووي تلاميذ كثر، قال ابن العطار، وسمع منه خلق كثير، من العلماء والحفاظ والصدور الرؤساء، وتخرج به خلق كثير من الفقهاء، وسار علمه وفتاويه في الآفاق، ووقع على دينه وعلمه وزهده وورعه ومعرفته وكرامته الوفا، وأما عن صفاته الشكلية، فقال الذهبي في وصف الإمام النووي كان أسمر كث اللحية، ربعة مهيبا، قليل الضحك، عديم اللعب، بل جدا صرفا، يقول الحق وإن كان مُرا، لا يخاف في الله لومة لائم، ووصفه الذهبي أيضا بأن لحيته سوداء فيها شعرات بيض، وعليه هيبة وسكينة، وقال الإسنوي كان في لحيته شعرات بيض.

وعليه سكينة ووقار في البحث مع الفقهاء، وأما ملبسه، فيقول الذهبي في تاريخ الإسلام وكان في ملبسه مثل آحاد الفقهاء من الحوارنة لا يؤبه له، عليه شبختانية صغيرة، وقال في كتاب تذكرة الحفاظ، ملبسه ثوب خام، وعمامة شبختانية صغيرة، وقال أيضا وكان يلبس الثياب الرثة، ولا يدخل الحمام، وكانت أمه ترسل له القميص ونحوه ليلبسه، وقال الإمام الذهبي وحدث عنه ابن أبي الفتح، والمزي وابن العطار، كما أخذ عنه المحدث أبو العباس أحمد بن فرح الإشبيلي، كان له ميعاد عليه يوم الثلاثاء والسبت، شرح في أحدهما صحيح البخاري وفي الآخر صحيح مسلم ومنهم أيضا الرشيد إسماعيل بن المعلم الحنفي، وأبو عبد الله محمد بن أبي الفتح الحنبلي، وأبو الفضل يوسف بن محمد بن عبد الله المصري ثم الدمشقي، وغيرهم كثير، وأما عن مؤلفات الإمام النووي.

فقد عاش الإمام النووي ستة وأربعين سنة فقط، ورغم هذا فقد ترك من المؤلفات ما لو قسم على سني حياته لكان نصيب كل يوم كراستين، فإذا علمنا أنه لم يبدأ العلم إلا في سن الثمانية عشر سنة، فأي مضاء وأي عزيمة وقدرة وبركة في العمر آتاه الله إياها، ومن أشهر ما صنف النووي هو شرح مسلم، ومن مؤلفات الإمام النووي كتبا في الحديث والفقه عم النفع بها، وانتشر في أقطار الأرض ذكرها منها المنهاج في شرح صحيح مسلم بن الحجاج، وروضة الطالبين وعمدة المفتين في الفقه، ومنهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه، ورياض الصالحين من كلام سيد المرسلين وهو في الحديث، والأذكار المنتخب من كلام سيد الأبرار، والتبيان في آداب حملة القرآن، والتحرير في ألفاظ التنبيه لأبي إسحاق الشيرازي وهو في اللغة، والعمدة في تصحيح التنبيه، والإيضاح في المناسك في الفقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى