مقال

الدكروري يكتب عن مشروعية صيام رمضان ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن مشروعية صيام رمضان ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع مشروعية صيام رمضان، كما قال الشاعر النفس تبكي على الدنيا وقد علمت أن السلامة فيها ترك ما فيها لا دار للمرء بعد الموت يسكنها إلا التي كان قبل الموت يبينها فإن بناها بخير طاب مسكنه وإن بناها بشر خاب بانيها أموالنا لذوى الميراث نجمعها ودورنا لخراب الدهر نبنيها كم من مدائن في الآفاق قد بنيت أمست خرابا وأفنى الموت أهليها أين الملوك التي كانت مسلطنة حتى سقاها بكأس الموت ساقيها لا تركنن إلى الدنيا وما فيها فالموت لا شك يفنينا ويفنيها واعمل لدار غدا رضوان خازنها والجار أحمد والرحمن بانيها قصورها ذهب والمسك طينتها والزعفران حشيش نابت فيها أنهارها لبن مصفى من عسل والخمر يجرى رحيقا في مجاريها والطير تجرى على الأغصان عاكفة تسبح الله جهرا فى مغانيها من يشترى الدار في الفردوس يعمرها بركعة في ظلام الليل يحييها.

 

وقال الشاعر النفس تجزع أن تكون فقيرة والفقر خير من غنى يطغيها وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت فجميع ما في الأرض لا يكفيها وقال آخر هى القناعة فالزمها تكن ملكا لو لم تكن لك إلا راحة البدن وانظر لمن ملك الدنيا بأجمعها هل راح منها بغير الطيب والكفن فأنفق وتصدق على الفقراء والمساكين فإن رمضان شهر الإنفاق والجود والإحسان، فإن من نِعم الله العظيمة وآلائه الجسيمة أن يُفسح للمرء في أجله، ويمكنه من أن يستزيد من صالح عمله، ويتوب إليه ويستغفره من تقصيره من سيئ عمله، وتكمل هذه المنة إذ جعله يدرك شهر رمضان ذلكم الشهر العظيم والموسم الكريم الذى اختاره الله سبحانه وربك يخلق ما يشاء ويختار ليكون ظرفا لأداء عبادة الصيام، والاجتماع على القيام، فضلا على عباده وإحسانا منه إليهم، فإن لهذا الشهر خصائص تدل على شرفه.

 

وعظم شأنه عند الله تبارك وتعالى، وإن أول تلك الخصائص لهذا الشهر الكريم والموسم العظيم، أن الله تبارك وتعالى جعله زمنا لأداء فريضة الصيام، الذى هو أحد أركان الإسلام، واختص الله الصوم لنفسه من بين سائر الأعمال مما يدل على عظم شأنه ورفعة منزلته عند الله تبارك وتعالى، وهو سبحانه وتعالى العليم الحكيم، الذى يضع الأمور فى مواضعها اللائقة بها، بحيث لا يصلح غيرها مكانها، فلما اختار الله عز وجل شهر رمضان زمنا لأداء فريضة الصوم، دل ذلك على شرفه وعِظم شأنه، وإن من خصائص هذا الشهر الكريم والموسم العظيم أن الله عز وجل اختاره لنزول القرآن في ليلة القدر، فقد نزل إلى بيت العزة في السماء الدنيا، ثم نزل مفرّقا بحسب الحوادث والمناسبات، فذلك دليل على فضل رمضان وعُلو منزلته عند الله تبارك وتعالى.

 

وعِظم شأن العمل الصالح فيه، ومن جليل خصائص هذا الموسم المبارك الذى لا يُحرم من خيره إلا هالك، أنه يتحقق فيه أمور عظيمة، تنشط المؤمن على طاعة الله، وتجعله يحجم عن معصيته، ويرجو رحمة ربه فيه، فعن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال “إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة، وأغلقت أبواب النار، وصفدت الشياطين” فذلك كله يدل على ما لرمضان من مزيد الخصوصية، وما يتهيأ فيه من الإعانة على الخير، وتيسير ترك الشر، والاجتهاد في أنواع العمل الصالح، والتوبة من القبائح، إلى غير ذلك من أسباب رفعة الدرجة، وعلو المقام عند الله عز وجل، ومن خصائص هذا الشهر المعلومة لهذه الأمة المرحومة، أنه شهر يستجاب فيه الدعاء، ويكثر فيه الذكر الذى يرفع مقام العبد عند ربه عز وجل، فيذكره سبحانه مثنيا عليه في الملأ الأعلى.

 

ولذا جاء قول الحق سبحانه وتعالى فى سورة البقرة” وإذا سألك عبادى عنى فإنى قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لى وليؤمنوا بى لعلهم يرشدون” وفى ثنايا ذكر آيات أحكام الصيام هدايةً للعباد، وتنبيها لهم على الصلة الوثيقة بين الصيام والدعاء، وأن ليل رمضان ونهاره كله مظنة لإجابة الدعاء، وفي ذلك من الحض عليه ما لا يخفى، وخصوصا وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة الدالة على أن دعوة الصائم لا ترد كما في الحديث الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم قال “ثلاثة لا ترد دعوتهم، منهم والصائم حين يُفطر” وقال صلى الله عليه وسلم ” فاستكثِروا فيه، يعنى رمضان، من أربع خصال، خصلتان ترضون بها ربكم، وخصلتان لا غنى لكم عنهما، فأما اللتان ترضون بهما ربكم، فشهادة أن لا إله إلا الله، وتستغفرونه، وأما اللتان لا غنى لكم عنهما، فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى