مقال

الدكروري يكتب عن الشيخ بهاء الدين النقشبندي ” جزء 5″

جريدة الاضواء

الدكروري يكتب عن الشيخ بهاء الدين النقشبندي ” جزء 5″
بقلم / محمـــد الدكـــروري

ونكمل الجزء الخامس مع الشيخ بهاء الدين النقشبندي، فطفق السقاء يعتذر، وبكى مولانا شمس الدين وجماعة المسجد، وحصل لهما أحوال عظيمة، ثم عزمت في اليوم الثاني على التوجه إلى نسف من الطريق الذي عينوه لي في الواقعة، وأخذت معي ثلاث حبات من زبيب، فبلغ مولانا توجهي فأرسل إلي ولا طفني كثيرا وقال إني أرى آلام الطلب قد استولت عليك، وآثرت بك لوعة الحصول على الوصول وشفاؤك عندنا فأقم لنؤدي حق تربيتك ونبلغك أقصى بغيتك على مقتضى علو همتك، فرأيتني أقول له أنا ولد غيركم ولو جعلتم ثدي التربية في فيّ لا أقبله، فسكت وأذن لي بالسفر، فتحزمت بحزام لي وأمرت شخصين أن يشداه من الطرفين ليكون في غاية الإحكام وسرت، فلما وصلت المكان الذي ذكر لي لقيت فيه شيخا فأعطاني رغيفا حارا فأخذته ولم أكلمه، ومضيت، فإذا أنا بقافلة.

فسألني أهلها من أين أتيت؟ فقلت لهم من أنبكية، قالوا متى خرجت منها؟ فقلت لهم وقت طلوع الشمس وكان ذلك عند الضحى، فعجبوا من ذلك، وقالوا إن بين القرية وهذا المحل أربعة فراسخ، ونحن خرجنا أول الليل، ثم بارحتهم وسرت فما نشبت أن استقبلني فارس، فحينما وصلت إليه سلمت عليه فقال لي من أنت فإني أجدني خائفا منك؟ فقلت له أنا الذي تكون توبتك على يديه، فتحول بالحال عن فرسه، وأظهر كمال التواضع والتضرع وتاب، وكان معه أحمال من خمر فأهرقها كلها، ثم جاوزته وقد دخلت حدود نسف فقصدت مقام السيد أمير كلال، فلما تشرفت برؤيته وضعت القلنسوة بين يديه، فسكت برهة طويلة، ثم قال هذه القلنسوة العزيزان؟ فقلت له نعم، فقال صدر الأمر بأن تحفظ ضمن عشرة أغشية، فأخذتها وفعلت كما أمر، وبعد ذلك، لقنني الذكر بالنفي والإثبات خفية.

وأمرني بالاشتغال به، فتبعته على ذلك، ولكوني أمرت في الواقعة بالأخذ بالعزيمة، لم أذكر بالجهر، ثم لازمت العلماء لاقتباس أنوار العلوم الشرعية منهم، واقتفاء آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراءة أحاديث الشريفة، والبحث عن أخلاقه وأحوال الصحابة الكرام والعمل بها كما أمرت، فوجدت لذلك تأثيرا تاما ونفعا عظيما، وكل ما تكلم به الشيخ عبد الخالق الغجدواني مر عليّ وظهرت لي نتيجة كل أمر في وقته، وفي كتاب الحدائق الوردية عشرات من أسماء مريديه وأخبار عشرات من خلفائه، وجاء فيها وله خلفاء كنجوم السماء، وفي كتاب القدسية، المطبوع والمحقق من قبل السيد أحمد طاهر العراقي إشارة إلى المراجع المخطوطة للنقشبندية وهو مزين بصورة ضريح النقشبند الذي يقول المستشرق الدانيماركي الوفسين وكان في بخاري.

في اعوام ألف وثمانمائة وست وتسعين، وتسع وتسعين ميلادي، ان ضريح بهاء الدين هو في ركن من بستان مليئ باشجار كثيرة من التوت والمشمش وجانباه جامع ويزار، وقال ارمينوس وهو أيضا في القرن التاسع عشر، ومستشرق مجري يتوافد على ضريحه على الدوام خلق كثير، حتى من الصين ومن عادة اهل بخارى انهم يزورونه يوم الأربعاء ومنهم من يظل يصلى الليل كله في جامعه وان جانب المرقد مسجد وخانقاه، وجاء في كتاب الحدائق الوردية والأنوار القدسية وهي نفس الحدائق عندما توفي بهاء الدين دفن في بستان له وبنيت قبة وجامع في جانبه وقف الملوك والعظماء كثيرا من الأملاك عليها، وقال كاتب ومحقق القدسية لبهاء الدين النقشبند عدا الرسالة القدسية، رسائل أخرى توجد في مكتبات العالم كالاوراد البهية، والورد الصغير، والاوراد البهائية.

وهي مشروحة وكذلك رسالة الوارادت وتوجد نسخة منها في ايا صوفيا وكذلك كتاب دليل العاشقين، ورسالة الحياة وهي نصائح، ولما مرض الشيخ بهاء الدين شاه نقشبند مرضه الأخير، دخل خلوته وأخذ مريدوه يتوافدون إليه ويلازمونه، فكان يوصي كلا منهم بما يناسبه وقال الشيخ علاء الدين العطار كنا نقرأ عند احتضار حضرة الشيخ رضي الله عنه سورة يس فلما بلغنا نصفها شرعت الأنوار تسطع، فاشتغلنا بالذكر، فتوفي رحمه الله، وكان ذلك ليلة الاثنين ثالث شهر ربيع الأول سنة سبعمائة وواحد وتسعين من الهجرة، وعمره أربع وسبعون سنة ودفن في بستانه، كما أوصى في بخارى بأوزبكستان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى