مقال

الدكروري يكتب عن الإمام تقي الدين السبكي ” جزء 5″

جريدة الأضواء

الدكروري يكتب عن الإمام تقي الدين السبكي ” جزء 5″

بقلم / محمـــد الدكـــروري

 

ونكمل الجزء الخامس مع الإمام تقي الدين السبكي، فما أثنى على شيء منها غير هذا، وقال هذا رد فقيه، وكتاب شفاء السقام في زيارة خير الأنام ردا عليه أيضا في إنكاره سفر الزيارة، وقرأته عليه بالقاهرة سنة سبع وثلاثين وسبع مائة من أوله إلى آخره، وكتبت عليه طبقة جاء مما فيها نظما من المتقارب لقول ابن تيمية زخرف، أتى في زيارة خير الأنام، فجاءت نفوس الورى تشتكي، إلى خير حبر وأزكى إمام، فصنف هذا وداواهم، فكان يقينا شفاء السقام، ورفع الشقاق في مسألة الطلاق، والرياض الأنيقة في قسمة الحديقة، ومنبه الباحث في حكم دين الوارث، ولمعة الإشراق في أمثلة الاشتقاق، وإبراز الحكم من حديث رفع القلم، وإحياء النفوس في حكمة وضع الدروس، وكشف القناع في إفادة لو للامتناع، وضوء المصابيح في صلاة التراويح، ومسألة كل وما عليه تدل، ومسألة ضع وتعجل.

 

لما وقف عليها الفاضل سراج الدين عبد اللطيف ابن الكويك كتب عليها، ونقلته من خطه من الكامل، لله در مسائل هذبتها ونفيت خلفا عد خلفا نقله، وحللت إذ قيدت بالشرطين ما أعيى على العلماء قبلك حله، فعلا على الشرطين قدرك صاعدا، أوج العلوم وفوق ذاك محله، ومن مصنفاته الرسالة العلائية، والتحبير المذهب، في تحرير المذهب، والقول الموعب في القضاء بالموجب، ومناسك أولى ومناسك أخرى، وبيع المرهون في غيبة الديون، وبيان الربط في اعتراض الشرط على الشرط، ونور الربيع من كتاب الربيع، والرقم الأبريزي في شرح التبريزي، وعقود الجمان في عقود الرهن والضمان، وطليعة الفتح والنصر في صلاة الخوف والقصر والسيف المسلول على من سب الرسول، والسهم الصائب في بيع دين الغائب، وفصل المقال في هدايا العمال، والدلالة على عموم الرسالة، والتهدي إلى معنى التعدي.

 

والنقول البديعة في أحكام الوديعة، وكشف الغمة في ميراث أهل الذمة، والطوالع المشرقة في الوقوف على طبقة بعد طبقة، وحسن الصنيعة في حكم الوديعة، وأجوبة أهل طرابلس، وتلخيص التلخيض وتاليه، والابهاج في شرح المنهاج في الأصول، ورفع الحاجب في شرح ابن الحاجب في الأصول، والقراءة خلف الإمام، والرد على الشيخ زين الدين ابن الكتاني، وكشف اللبس في المسائل الخمس، ومنتخب طبقات الفقهاء، وقطف النور في دراية الدور، والغيث المغدق في ميراث ابن المعتق، وتسريح الناظر، في انعزال الناظر، والملتقط في النظر المشترك، وغير ذلك، ومن مسموعاته الحديثية الكتب الستة والسيرة النبوية، وسنن الدارقطني ومعجم الطبراني، وحلية الأولياء ومسند الطيالسي، ومسند الحارث بن أسامة، ومسند الدارمي ومسند عبد ومسند العدني، ومسند الشافعي، وسنن الشافعي.

 

واختلاف الحديث للشافعي، ورسالة الشافعي، ومعجم ابن المقرئ، ومختصر مسلم، ومسند أبي يعلى، والشفاء للقاضي عياض، ورسالة القشيري، ومعجم الإسماعيلي، والسيرة للدمياطي، وموطأ يحيى بن يحيى، وموطأ القعنبي، وموطأ ابن بكير، والناسخ والمنسوخ للحازمي، وأسباب النزول للواحدي، وأكثر مسند أحمد، ومن الأجزاء شيء كثير، ولقد شاهدت منه أمورا ما أكاد أقضي العجب منها من تدقيق وتحقيق ومشاحة في ألفاظ المصنفين، وما ينظر فيه من أقوال الفقهاء وغيرهم، والذي أقول فيه إنه أي مسألة أخذها وأراد أن يملي فيها منصنفا فعل، ولم أري من اجتمعت فيه شروط الاجتهاد غيره، نعم والعلامة ابن تيمية، إلا أن هذا أدق نظرا وأكثر تحقيقا، وأقعد بطريق كل فن تكلم فيه، وما في أشياخه مثله، وكان الأمير سيف الدين الجابي الدوادار لا يكاد يفارقه، ويبيت عنده في القلعة ليالي، ويقيم أياما.

 

ولما توفي قاضي القضاة جلال الدين القزويني بالشام، جاء الخبر ونحن بالقاهرة في خدمة الأمير سيف الدين تنكز سنة تسع وثلاثين، فطلب السلطان الملك الناصر محمد قاضي القضاة عز الدين ابن جماعة وطلبه، وطلب الشيخ شمس الدين ابن عدلان، فلما حضروا قال له يا شيخ تقي الدين، قد وليتك قضاء القضاة بالشام وألبس تشريفه وخرج صحبة نائب الشام، وكنت في خدمته في الطريق، فالتقطت الفوائد وجمعت الفرائد وسهلت بسؤاله ما كان عندي من الغوامض الشدائد، ووددت أن النوى لم تلق لها عصا، وأن اليعملات في كل هاجرة تنفي يداها الحصى، وباشر القضاء بصلف زاد، ومشى ما حال عن جادة الحق ولا حاد، منزه النفس عن الحطام، منقادا إلى الزهد بخطام، مقبلا على شأنه في العلم والعمل، منصرفا إلى تحصيل السعادة الأبدية، فما له في غيرها أمل، ناهيك به من قاض، حكمه في هذا الأقليم متصرف الأوامر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى